يبدو أن جماهير الكرة السعودية ساروا خلف التصاريح المتباينة حول السماح بدخول النساء للملاعب الرياضية ـ أصبح موضوع النساء وترفهن قضية القضايا لهواة التغريب وكأننا نجحنا في حل كل المشكلات الأساسية التي يتعرضن لها ولم يعد بيننا أرامل ولا ثكالى ولا مطلقات ولا معلمات أزواجهن وأطفالهن في طريف وهن يعملن في منطقة نائية حذو جبل الطوال بل وكأن المحاكم الشرعية لا تغص بالملفات الضخمة حول قضايا المرأة وحقوقها المغتصبة حتى نركز على قضاياها الهامشية كقيادة السيارة وحضور الملاعب بل وكأن ملاعبنا أصبحت صالحة للاستخدام الآدمي وحتى نظهر هشاشة الأمر وضعف الطالب والمطلوب تخيلوا معي هذه القصة للشابة « مزنة « التي اتصلت بصديقاتها للذهاب للملعب لمشاهدة المباراة وستقلهن بسيارتها الفخمة ويا ليت شعري كيف ستخرج وكيف سيجتمعن ثم يضعن الشالات على الأعناق ويذهبن دون أن يتعرضن لشيء من التحرش وكثير من المضايقات بل ولأن الذهاب للملاعب كخاصية فريدة لنا يجب أن تكون من بعد الرابعة عصرا والعودة ستكون بعد الثانية عشرة ليلا « حتى في أكثر دول العالم تحررا النساء المحترمات لا يخرجن من منازلهن في الليل إلا لضرورة أو مع العائلة ونحن ستبقى حتى بعد منتصف الليل من أجل مشاهدة مباراة كرة قدم « ثم حين الوصول للملعب هل ستتعرض « مزنة « لعملية تفتيش دقيقة كما يحدث للشبان حاليا وكأنهم يهمون بالدخول لمنطقة حكومية أو عسكرية حساسة جدا ولو سمح لهن الدخول دون تفتيش كيف سيقضون على ظاهرة « انتحال « شخصيات نسائية بارتداء ملابسهن والذهاب لأماكن جلوسهن هذا إذا تم الفصل في أماكن الجلوس وإن لم يتم فقد وضع الزيت بجانب النار ولا مطافئ الدنيا تستطيع إخماد نيران المشاكل الناتجة من ارتطام الشهب بأسراب البعوض ثم بعد عملية التفتيش هل ستتغيّر نوع الخدمات الإنسانية الضرورية المقدمة كالأكل والشرب أم سيبقى الحال على ماهو عليه وستكتفي « مزنة « وصديقاتها بمشروب « حمضيات « حار شريطة أن يشرب قبل الذهاب للمقاعد المخصصة ولا مانع من اقتناء شيء من « الفصفص « شريطة أن يجرد من الوعاء الموضوع فيه حتى لا يستخدم كأداة للرمي على الممارسين لقذف « الجلد المنفوخ « وحينها كيف سيكون وضع النساء من العبارات الخادشة للحياء وأعقاب السجائر والشتم المتواصل لكل من في الميدان الأخضر وعلى المقيمين بجواره انتظار نصيبهم.
ختاماً هذه التصاريح المتضاربة بين السماح بالدخول من عدمه وعدم اتضاح الصورة وكأن الأمر أشبه بجس النبض لمعرفة المحصلة النهائية بين الرفض والقبول، ونظرا لأن مباراة منتخبنا الماضية شهدت حضورا نسائيا وزع بالتساوي ما بين المنصة والدرجة الثانية فقد التبس الأمر على الجماهير وظنوا أن الملاعب أصبحت « للعائلات فقط « لذا لم يحضر أحد منهم للمباراة الثانية التي كانت ضد منتخب ترينداد وتوباجو.
الهاء الرابعة
الوقت يمشي وفيه الناس منغرّة
والعاقل إن شاف غفلتها يذكرها
من سبّح الله في يومه مية مرة
غفرت ذنوبه من أولها إلى آخرها