في غمرة الأحداث المتلاحقة والمتباينة التي تعيشها الساحة الرياضية بشكل شبه يومي وفي ظل حرص غالبية أبنائها على التقاط المناظر السلبية والترويج لها كان لزاماً على الهاءات أن تعطي كل ذي حق حقه خصوصا إذا كان هذا الحق قمة في الرقي والمثالية دافعه الرئيس حسن التعامل في صدور الرجال. لحظات عصيبة عاشها جميع منسوبي غريمي العاصمة في ديربي النار مساء الجمعة، فالحضور والتفاعل الجماهيري بلغ حدّه والتوتر أخذ من كل صدر مأخذه، فالهلال يريد أن يغيّر الصورة المهزوزة التي عاشها هذا الموسم ويتجاوز الضغوطات التي بلغت عنان السماء والنصر يريد مشوار تميّزه الذي كان عليه ويكسر مسلسل سنوات الحرمان الطويلة بتحقيق لقب طال انتظاره وأحداث المباراة تزيد من حالة التوتر وتتلاعب بأعصاب الجميع فهي تتغيّر بين برهة وأخرى ثم تمتد لأشواط إضافية تسارعت فيها دقات القلوب فانحبست الأنفاس في الصدور وارتفعت درجات حرارة الأجساد وتزايدت سرعة نبضات القلوب وكادت أن تتوقف والهلال يتحصل على ضربة جزاء قبل دقيقتين من نهاية المباراة يتقدم لها الشلهوب ويسجل ويصبح فريقه قاب قوسين أو أدنى من اللقب وماهي إلا ثوان معدودة ويعيد الراهب وضع الفرح في الخانة الصفراء برأسية خارقة لتنقلب الأمور رأساً على عقب وتظل الكأس معلقة لم تذهب لأي معسكر وتأتي ركلات الترجيح الحابسة حتى للهواء عن الرئتين وتظل تتأرجح بعد أن أضاع حسني أولاً ثم أضاع من الجانب الأزرق مسعد، بعدها أهدر اليوناني وذهبت الكأس لعشقها كل هذه الأحداث التي تخرج العاقل عن عقله وتجعل من الحليم جاهلا ومن الحكيم غشيماً لم تحرّك شيئا عند رئيس النصر الأمير فيصل بن تركي فقد وقف بأعصاب فولاذية يغبط عليها فمسح دموع فلذة كبده أولاً قبل أن يمسح دموع عشاق فريقه ثم ذهب لتأدية واجب مراسمي قبل أن يقوم بحركة غاية في المثالية والرقي حين زار المعسكر الأزرق وبارك لهم الفوز فردا فردا شاطره بذلك مدرب فريقه الداهية كارينيو وقد استقبله إخوته في البيت الهلالي بمصافحة القلوب قبل الأيدي وفتحوا له صدورهم قبل أبواب معسكرهم في الدرة ليرسل هو أولاً رسالة ويرسلوا هم أيضا معه رسالة واضحة لكل أهل الساحة مفادها ومضمونها " نحن إخوة متحابون نفرح عند الانتصار ونتواضع ونبتسم عند الخسارة ونرتقي " ورغم أن القائد الهلالي ومعه الشلهوب وبعض الرفاق الزرق قد واسوا أقرانهم بعد ترجيحية العابد في المستطيل الأخضر إلا أن هذه المبادرة لا تصل لمبادرة رئيس النصر فالفرح يخرج مكمون النفس الطاهرة وطيبتها بعكس الحزن لا يقاومه إلا كل صاحب رباطة جأش ورقي أخلاق، فمن أعماق قلبي أقول للأمير فيصل بن تركي " شكراً أبا تركي". الهاء الرابعة تقول لي مات حلم أقول لك خيره مصير الأحزان والضيقه تودعنا البوح والبوح ياخي فض هالسيره أحياناً البوح سبه في مواجعنا