|


فهد الروقي
(دلمون جعّدت ظفائرها)
2013-01-05

استيقظت باكراً وفتحت نافذة الذكريات لأربع عقود مضت ونيّفا ثم ألقت بجسدها « الناعم الحسّاس» على الشاطئ الرملي قبالة الخليج تستنشق من عنفوان البحر رائحة التاريخ قبل أن تدخله الهوينا غير مبالية بالبلل لتغتسل من تراكمات مرهقة تجاوزتها بسلام حين تصافحت أيدي المحبة والسلام لصنع السلام وهاهي اليوم تستعيد النشاط ومعه الثقة وتفتح ذراعيها باتجاه الأفق حيث الشمس تتصالح مع أشعتها لترسل شيئا من الدفء إلى أرض «دلمون» فهي تعلم أنك هناك إخوة قادمون في الطريق والأرض الطيبة ترحب باستقبال الأشقاء لكنها عجلة غير وجلة فرمت صدرها وشعرها في مياه البحر غير آبهة للنسمات الباردة القادمة من الشمال ورنت بعينها في الأعماق حيث اللؤلؤ والمرجان فتذكرت معاناة الأجداد وكيف كانوا يسافرون في الأصقاع يبحثون عن لقمة عيش شريفة ما بين « نوخذة وطواش وبينهما هابّ ريح» فرفعت رأسها من الماء واختلط في مدامعها « ملحان « ملح أجاج من الأزرق بحرا، وملح عينيها الجميلتين لكنها وبسرعة البرق مسحت الملحين وأبقت الملح الثالث المعني بجمال الكرم وحسن الاستقبال فالأشقاء في الطريق تجوب رواحلهم الكثبان الرملية وعباب البحر وأفق السماء وجبال الشيّم، وما بين النهرين ثم عادت لغرفتها لتلبس أحلى حلّة مطرزة بالأحمر القاني ومتوشحة بالبياض الناصع ثم جعّدت ظفائرها المتدلية ما بين المنامة والمحرق ثم وضعت قليلاً من رائحة التاريخ على كامل جسدها ووقفت شامخة في قاعة الانتظار والمكان يسكنه الهدوء فقد اكتملت كل تفاصيل التفاصيل، ووضعت كل الاحتمالات الممكنة والصعبة الحدوث، فجمّلت الأرض بساكنيها، والطرقات بالعابرين فيها والمنازل بأهاليها والقلوب بالمشاعر الفيّاضة الرقراقة كماء « عين صافية « وحين نأتي على العين « والعين بحر « وعن الصفاء لونا ومشربا فلابد أن نأتي على « عذاري « التي تخلّت عن عاداتها فاليوم فقط سقت القريب وأسقت القريب القادم اليوم بعد الظهيرة تحتفي دلمون بسباق عربي قديم لم يكن فيه « داحس ولا غبراء « وليس له صلة بـ « البسوس « فقد نحرنا العجوز النتنة، ورمينا جثتها باتجاه الشرق لتأكلها طيور السماء ولا تبقي لها أثراً، فاليوم واليوم أيضا « خليجنا دلمون يا أرض الحضارة «. الهاء الرابعة نحن عرب، ولن نكون لدى الجد سوى الأكرمين في الميدان وحدتنا الخطوب حتى غدونا رغم أنف الخطوب كالبنيان ياخليج الأباة أنت خليج ال عرب سمين من قديم الزمان