لديّ قناعة كبيرة بأن مباراة الفتح والهلال ليلة مساء أمس الأول ضمن دور الثمانية في كأس ولي العهد هي أكثر مباراة شهدت متابعة جماهيرية وإعلامية ومن مختلف شرائح الوسط الرياضي بعد أن اكتسبت شهرة واسعة فهي أولا تجمع بين أفضل فريقين محليين هذا الموسم في المجمل، كيف لا وطرفاها المتصدر والوصيف وأكثر الفرق فوزاً وأقلها خسارة وأقواها هجوماً ودفاعاً ثم إنها تأتي بعد عشرة أيام فقط من لقائهما الدوري والذي استطاع فيه أبناء الأحساء إلحاق الخسارة الثانية بمنافسه في الدورين وبطريقة "رايح جاي" حتى وسمها البعض بالعقدة وهي من الحالات النادرة ومنذ سنوات طويلة التي يخسر فيها الهلال من فريق واحد في الدورين وبعدها هاجت الساحة وماجت وفاحت رائحة نتنة أزكمت الأنوف وأفسدت الذوق العام وخدشت الحياء وفرح بالخسارة غالبية المنافسين حتى من لم يكن لهم في الأمر ناقة ولا جمل وصلتهم الوحيدة بالأمر تتبعهم لعثرات الزعيم وتحويل لحظات سقوطه إلى حفلات فرح مستمر وهم بذلك يعترفون بأفضليته وزعامته فسقوط الكبير يكون كبيراً وحين يسقط في المعركة القائد تهتز أرض النزاع ولو سقط أحد من الدهماء يذهب كما ذهب "مهذّب" في الرواية الشعبية حتى أصبح ذهابه مضرب مثل، فقد قالت بادية نجد "ما طاح فيها يا مهذّب راح". قبل اللقاء كانت الساحة ترتقب سقوطاً جديداً للأزرق، فهو منكسر وما قدمه في مباراة نجران ينذر بكارثة والفتح متحفز فهو الوحيد الذي لم يخسر والضغوطات عليه منعدمة بعكس الهلال الذي يعاني منها، فالخسارة كانت سترسخ لمفهوم عقدة وستلقي بظلالها على الفريق زمناً طويلاً ولن تنفع المهدئات والمسكنات الوقتية من احتواء حالة الغضب العارمة التي ستصيب العشّاق يدفعها احتفالات شماتة من الأضداد يقام فيها كل وسائل البذخ ولا يحكمها فكر ولا منطق، وقد تنزلق الأمور إلى مستنقعات وحل، ولا رادع لديهم ولا مانع ما دام الثمن انكسار "مكسّر الخشوم ومهشمها". وفي أثناء اللقاء كانت الضغوط الزرقاء تتزايد مع كل هجمة مهدرة ومع كل فرصة هدف سانحة تذهب باتجاه المجهول حتى جزائية ياسر التي لا غبار عليها قيّدت ضد مجهول ووجد خليل من الدلال بعدها تبريراً ما يوازي الدلال الذي يجده في لجنته فهو وللحق الرئيس الرسمي للجنة الحكام الرئيسية، وما بقي مجرد حبر على ورق حتى وإن كان حبر منتخبين وورق انتخابات حتى تنفس الهلاليون الصعداء عقب صاروخية هرماش التي أدخلت فرح المتربصين في الإنعاش، مؤكدة السيطرة الزرقاء شبه الكاملة والتي استمرت في الشوط الثاني وظهرت بشكل أكبر فضاعت الأهداف المحققة ونجا الفتح من خماسية كانت ستعيد الذاكرة إلى موسمين سابقين، واكتفى بلدغة العقرب تعويضاً عن رفضه دخول هدف لعزوز بعدها عادت الدماء في العروق الزرقاء، ولم تظهر علامات فرح عارمة، فالهلال لا يفرح بانتصار عابر حينها "نامت الساحة مبكراً" فقلت للرفاق قولوا لهم "أعانهم الله على الكوابيس". الهاء الرابعة إذا ضاق صدر المرء عن حمل سره فصدر الذي أودعته السر أضيق