قدر الهلال أنه كبير، والكبار لهم قوانينهم الخاصة التي لا يعرفها للأسف الأدنى قدرا ومرتبة، ومن هذه القوانين الموت وقوفا دون الكرامة حتى لا تهدر، لكنه موت لحظي لحياة عز طويلة، وهم يؤمنون بالخسارة الوقتية لمعركة عابرة يعودون بها أقوى عودا وأشد صلابة، لكنهم لا يرضون بخسارة حرب. ولعلي هنا أكثر مثالا ماثلا للعيان يتعلّق بأحد الكبار، فالأهلي القاهري خسر حارسه العملاق عصام الحضري الذي رغب بالاحتراف الخارجي، فذهب إلى سويسرا رغماً عن رغبة صناع قرار أحمر الجزيرة، وبعد تجربة غير ناجحة عاد لمصر مرة أخرى وخاطب المسؤولين في ناديه السابق.. لكنهم بالإجماع رفضوا عودته، وأعني بالإجماع أن القرار متفق عليه حتى من السواد الأعظم من جماهير الفريق، فالأهلي في نظرهم كبير والكبير لا يلوى ذراعه ولا يرضخ لأحد، وأقوى عنصر من عناصر تفوقه شيء يسمى " هيبة الكبار " رغم حاجة الفريق الماسة لحارس مرمى متمكن يستطيع أن يسد الثغرة الواضحة في المرمى الأحمر، فأصروا على هيبتهم ورفضوه.. فماذا حدث بعد ذلك ؟ الأهلي يحقق كأس أفريقيا للأندية للمرة السابعة في تاريخه قبل أيام قليلة، ويشارك في كأس العالم للأندية للمرة الرابعة " عالمي بالدفع الرباعي " والحضري محترف في دوري مغمور. الهلال كان على مفترق طرق بعد أن رفض لاعبه أسامة هوساوي البقاء في صفوفه للاحتراف الخارجي، منافيا لرغبة الهلاليين جميعا، وقد وعد بالعودة إن عاد للدوري المحلي، وحين عاد حدث تباين واختلاف رأي حول الترحيب به وعودته مرة أخرى لصفوف الفريق أو رفضه محافظة على " هيبة الكبير " وكان الرفض أخيرا بحجة ضخامة المبلغ – ستكشف لكم الأيام صحة كلامي حين تهدأ الأمور وتتضح الصورة ولن أزيد، وإلى ذلك الوقت أترك لكم حرية أخذ الانطباع الذي تشتهي أنفسكم – ونفس الأمر ينطبق على الفريدي الذي كتب نهاية مشواره مع الهلال منذ أن بعث رسالة بالجوال إلى إداري الفريق.. ومن حينها وهو حبيس دكة الاحتياط، وحين خرج لوسائل الإعلام وقال بكامل قواه العقلية " مليت " حينها فقط سقط من قلوب الزعماء كما تسقط ورقة الخريف " اليابسة " ولم يعد الأمر يعني أي هلالي في أي طريق سيسير. هذا الكبرياء وهذا الشموخ وهذه القسوة في التعامل هي عنوان للكبار والهلال أحدهم، فهو لا يتوقف على لاعب بعينه، وتذكروا أنه " تخلى " عن البرنس الليبي وهو في قمّة نضجه بعد أن حاول " ليّ الذراع " فماذا حدث وقتها ؟ سار الهلال في طريق البطولات وتاه التايب من محطة لأخرى وقد فقد البريق الذي كان عليه. الهاء الرابعة هذا أنا جالس على دكة الحب أتابع أشواط الغياب الإضافي على أمل ركلة وصل تنعش القلب من قبل صفارة فراق وتجافي اثر الحبيب اللي تركته على الدرب وقع مع غيري بعقد احترافي