|


فهد القحيز
عودة كرتنا
2013-11-12

ـ إن من أهم الأمور في ارتفاع مستوى أي لعبة وتطورها وتحقيقها للانتصارات والإنجازات في البطولات القارية والدولية في أي بلد .. غالبا ما يكون مرتبطاً بحجم انتشار اللعبة وكثرة الممارسين لها ..والشواهد كثيرة. ـ فمثلا النموذج البرازيلي في كرة القدم .. فالشعب البرازيلي تكاد تكون حياته كرة قدم ..وبدون مبالغة فإن غالبية الشعب البرازيلي رجال ونساء صغار وكبار يمارسون كرة القدم وهي هوايتهم الأولى ويعشقونها إلى حد الجنون... حتى عمال المقاهي بعد انتهاء دوامهم بعد منتصف الليل لايذهبون إلى النوم ..بل إنهم يمارسوا كرة القدم حتى الصباح، فهذا العشق الجارف هو الجانب الذي أدى إلى بروز المواهب أمثال (الظاهرة الكروية) بيليه وريفلينيو وسقراط وزيكو ومن بعدهم رونالدو وروماريو وبيبيتو، حتى أصبح لاعبوهم ومدربوهم منتشرين بشكل كبير في جميع أرجاء العالم، فها هم متواجدون في معظم الدوريات الأوروبية والآسيوية بل إنهم بكثرة في الدول الخليجية. ـ وفي كرة السلة النموذج الأمريكي فكرة السلة تشكل جزءاً مهما من ثقافة الشعب الأمريكي، فغالبية الشعب الأمريكي يمارس ويحب هذه اللعبة. ـ وفي الهند وباكستان وجنوب آسيا تعتبر لعبة الكريكت هي اللعبة الشعبية الأولى في هذه البلدان، ويعود بروز هذه البلدان في هذه اللعبة لممارستها الكبيرة وانتشارها بين أفراد هذه الشعوب. ـ وألعاب القوى هي اللعبة الأكثر شعبية في جامايكا... فها هي بارزة في هذه اللعبة (وبالتحديد سباقات السرعة). ـ حقيقة النماذج السابقة تؤكد أن زيادة الممارسة تكون شعبية للعبة في البلد.. ومع الشعبية للعبة تزداد الممارسة لها من قبل أفراد الشعب .. والمحصلة هي تفوق الأندية والمنتخبات في هذا البلد. ـ وهذا بالفعل هو واقعنا الكروي الماضي.. فعندما كانت كرة القدم (لدينا) لها شعبية جارفة في الحواري وتمارس في المدارس من قبل الصغار والشباب بشكل كبير وفي معظم أوقاتهم .. فكانت أنديتنا ومنتخباتنا متفوقة .. والكل يتذكر العصر الذهبي لكرة القدم السعودية يوم أن كانت ملاعب الحواري منتشرة في داخل الأحياء السكنية في جميع القرى والهجر والمدن. ـ أما الآن ومع قلة عدد الممارسين .. أصبحت كرتنا في وضع لايحسد عليه .. فهذا منتخبنا الأول يغيب عن كأس العالم للمرة الثانية (بعد أن وصل لأربع مرات متتالية من 94م إلى 2006م)، بل إنه أصبح يغادر البطولات الآسيوية من الدور الأول ولم نحقق أي بطولة بعد أن كان الأخضر متزعماً القارة الآسيوية لأكثر من (20) سنة في الفترة الماضية.. بل إن حتى تحقيق بطولة على المستوى الخليجي أصبح (الآن) في غاية الصعوبة على الأخضر. ـ عموما نشر اللعبة والحصول على أكبر عدد من الممارسين هو الخطوة الأولى لعودة كرتنا لتوهجها السابق (أيام تواجدنا في نهائي كأس آسيا خمس مرات متتالية حصلنا فيها على كأس القارة ثلاث مرات .. وتأهلنا لنهائيات كأس العالم 4 مرات متتالية). ـ لذلك فإن القيام ببعض الخطوات التي تمكننا من الحصول على أكبر عدد من الممارسين هو الجانب الذي يجب أن يضعه اتحاد كرة القدم في عين الاعتبار .. وأعتقد أن أفضل الطرق لزيادة الممارسة هو نشر اللعبة .. وهذه الأخيرة ممكن تحقيقها من خلال القيام ببعض الخطوات .. مثل: ـ تشجيع الرياضة المدرسية والاهتمام ببطولتها سواء على مستوى كل منطقة أو على مستوى المملكة. ـ إنشاء مراكز في الأحياء لممارسة الصغار والشباب لكرة القدم ويمكن ذلك من خلال الاستفادة من ملاعب مدارس التربية والتعليم. ـ توفير ملاعب في كل حي من الأحياء السكنية في المدن في كافة المناطق... بهدف عودة ما يعرف بملاعب الحواري. ـ توفير عدد أكبر من الساحات الرياضية في كافة مدن المملكة. ـ تشجيع الممارسة في المعاهد والكليات العسكرية والمهنية. ـ الاهتمام بالرياضة الجامعية وإقامة بطولات منتظمة للجامعات.. كدوري الجامعات على سبيل المثال. ـ أعتقد أنه من خلال هذه الخطوات سنحصل على عدد كبير من الممارسين للعبة كرة القدم .. ولاننسى أنه كلما كانت القاعدة عريضة فإن نسبة ظهور المواهب وبروزها تكون أيضا كبيرة .. وهذا في النهاية يؤدي إلى سهولة الحصول على اللاعبين (الصغار) الجيدين.. ليأتي بعدها دور الأكاديميات ومدارس الأندية في تكملة مشوار إعداد وبناء اللاعبين وتحويلهم لمحترفين. ـ وهنا .. لاننسى بأن زيادة مساحة الاختيار والانتقاء في الأندية دائما ما تنعكس على التكوين الجيد للاعبين (الجدد) فيها... لذلك لابد من التركيز (في الوقت الحالي) على نشر كرة القدم والتشجيع على ممارستها بين الصغار في الأحياء والمدارس وبقية القطاعات والهيئات والكليات والمعاهد والجهات الأخرى ومدى إفرازها للاعبين الموهوبين .. وأعتقد أنه هو ما تحتاجه أنديتنا ومنتخباتنا في الوقت الحالي لتعود لتوهجها السابق .. فهل نسارع نحو ذلك .. فهذا ما آمل تحقيقه في أسرع وقت.. والله من وراء القصد.