|


فهد القحيز
الكرة العربية والنموذج الأوروبي
2012-07-02

ـ استمتعنا خلال الأسابيع الماضية بمباريات عالية المستوى الفني في بطولة الأمم الأوروبية (2012)، وبدون مبالغة إذا قلت إنني وكل من كان يتابع المباراة معي لم نشعر في مباراة واحدة بالملل، فالمتعة والإثارة موجودة بمشاركة 16 منتخبًا تعد مدارس كروية من بينها أول وثاني وثالث آخر مونديال بجنوب أفريقيا 2010.(إسبانيا وهولندا وألمانيا)، ويكفي أن بها لاعبين هم في الواقع نجوم كرة القدم في العالم... من ضمنهم سبعة لاعبين مسلمين. .كريم بنزيما وبن عرفة وسمير نصري وفرانك ريبيري (المنتخب الفرنسي) مسعود اوزيل وسامي خضيرة (ألمانيا) إبراهيم افيلاي (هولندا). ـ وفنون كرة القدم كانت حاضرة في جميع مباريات هذه البطولة... شاهدناها على أرض الواقع في ملاعب أوكرانيا وبولندا .. سواء من الناحية الخططية كأساليب اللعب وسرعة تحرك اللاعبين وانتشارهم وكيفية الأداء الجماعي للفريق... أو من ناحية الأداء الفردي للاعبين ومدى إجادتهم لمهارات لعبة كرة القدم، فهناك دقة متناهية في التمرير واستلام الكرة وقوة في التسديد على المرمى ومهارة في الجري بالكرة وتجاوز المنافس. ـ حقيقة هذه البطولة نموذج يجب أن تستفيد منه كرتنا العربية، خاصة أن الاستفادة من تجارب المنتخبات المشاركة بها تعتبر خطوة قصيرة للتطوير، لذلك لابد من العمل في أنديتنا ومنتخباتنا العربية بنفس النهج الذي نهجه الأوروبييون في تطوير أنديثهم ومنتخباتهم .. حتى نصل كعرب للظهور والبروز في البطولات القارية والدولية في أسرع وقت... بدلا من جمودنا وسيرنا على نهج الاجتهادات والخبرات الشخصية البعيدة كل البعد عن المنهج العلمي الرياضي لكرة القدم والذي ساهم في عدم تطور كرتنا العربية إلى حد الآن. ـ نعود ليورو 2012 حيث نجد فيها العديد من الأمور الإيجابية التي يجب أن تستفيد منها فرقنا ومنتخباتنا العربية.. مثل: ـ البناء .. فعندما تشاهد أي منتخب من المنتخبات المشاركة في هذه البطولة وتدقق في كيفية بنائه.. تتبن لك بعض الجوانب الهامة .. مثل مواصفات وإمكانات لاعبيه التي لم تأت من باب الاختيار الشكلي مثلما يحدث في معظم البلدان الخليجية والعربية، وإنما جاء وفقا لقياسات ومعايير محددة ومعروفة سواء بالنسبة للطول أو الوزن أو مستوى الكفاءة البدنية واللياقية والمهارية والذهنية، وكذلك أداؤه الفني .. فتجد أن أداء اللاعبين متقن ولديهم خبرة كبيرة في المباريات جاءت وفقا للانتقاء المنهجي عبر الأكاديميات والبناء والإعداء الطويل ومن مراحل مبكرة في قطاعات الناشئين والشباب. ـ الإعداد الاحترافي للاعبين، فاللاعب الأوروبي معد الإعداد المتكامل في الجوانب اللياقية وكيفية التفكير والتعامل مع المباراة وتقبل نتيجتها وبقية أطرافها.. سواء من زملائه اللاعبين ومدرب فريقه ومنافسيه والحكام والإعلام ...الخ، بدليل أن مستواه الفني عالي وأخطاؤه السلوكية والانضباطية قليلة جدا في مباريات يورو 2012. ـ احترام الأنظمة والقوانين، فالروح الرياضية للمنتخبات المشاركة كانت عالية، فالعنف والحالات الخارجة عن إطار التنافس الشريف المعروف قليلة جدا، وهذا كان السبب الرئيسي في جعل اللاعبين يقدمون ويظهرون مهاراتهم في أعلى درجة من درجات الأداء.. مما نتج عنه ارتفاع المستوى الفني في مباريات هذه البطولة. ـ أما بالنسبة لأهم الدروس المستفادة في هذه البطولة، فهو الدرس الذي قدمه منتخبا إيطاليا وإسبانيا اللذان اثبتا بأن التفوق في كرة القدم يذهب لمن يمتلك مستوى عال في محصلة القوة والتحمل والسرعة والمهارة، وهذا بالفعل ما أكده هذان المنتخبان .. فهما متفوقان من بين المنتخبات الأوروبية (المشاركة في البطولة الحالية) في الجوانب التي تجلب الفوز في مباريات كرة القدم الحديثة، وهي امتلاك القوة الجسمانية والأدائية والتحمل البدني وسرعة الأداء بالكرة وامتلاك المهارة.