|


ماجد التويجري
شبيه الريح .. الآن فهمتك
2015-06-01
لو طلبت من مسؤول في الاتحاد الدولي لكرة القدم ومسؤول آخر في الاتحاد الأوروبي وثالث في اتحاد القارة الآسيوية تقييم تجربة رئيس ناد استطاع إبقاء فريقه منافساً ثابتاً ودائما على كل بطولة محلية أو إقليمية فضلا عن تحقيق إنجازات بين دوري وكأس في بلاده ولأكثر من مرة في غضون سنوات لا تتجاوز السبع فبالتأكيد سيضعونه في خانة الناجحين والمميزين إذا لم يذهبوا بعيدا ويتعاطون معه على أنه حالة تستحق التأمل والدراسة والتوقف عندها طويلا.
أقول هذا الكلام وأنا أتذكر ما قاله الرئيس الشبابي الكبير السابق خالد البلطان برسالة من تحت الماء وجهها للأمير عبدالرحمن بن مساعد كان فحواها كلمتين فقط (الآن فهمتك).
صحيح أنها كلمتان، لكن للأمانة أصبحت مرجعاً لقضايا كثيرة تثار حولها الجدليات في الوسط الرياضي بين الحين والآخر، وأنا هنا ليست قضيتي كلمات البلطان بقدر ما أنا مضطر لترديدها وإن كان الوقت متأخرا جدا لكن أن تصل متأخرا خير من ألا تصل أبدا.
خرج شبيه الريح من المشهد الرياضي الذي قضى فيه سنوات ليست ككل السنوات من عمره وحياته وتاريخه، اكتشف فيها محبين ومؤيدين وعرف خلالها كارهين وناقمين ولعله نفسه اختصر كل ذلك بقصيدة ستظل عنواناً جارحاً لمرحلة مهمة في تاريخ الكرة السعودية وليت كل المتعايشين مع هذا التاريخ يعيدون قراءة القصيدة من الزاوية المضيئة ليعيدوا ترتيب أوراقهم فلم تكن مجرد أبيات وكلمات بقدر ما كانت خارطة طريق بأثر رجعي يمكن أن تصلح ما أفسده التعصب والزمن والخلاف والاختلاف.
أعطى عبدالرحمن بن مساعد الهلال والهلاليين وقته وصحته وماله فماذا جنى من وراء ذلك؟
أعطاهم دموعه وأحزانه وابتساماته وأفراحه فكيف كان الرد؟
منحهم الحب والأمل والعمل دون أن ينتظر منهم جزاء أو شكورا.
أتذكره يمسح دمعة قفزت بلا استئذان في لقاء فضائي عقب مباراة العين.
أتذكره يضع كمامة الأوكسيجين داخل الطائرة مرافقاً اللاعبين في رحلة آسيوية مرهقة وطويلة.
أتذكره يرمي شماغه وعقاله من على دكة البدلاء محتفلا بهدف أفرح عشاق الزعيم الكبير.
أتذكره مستقبلا طفلاً هلالياً انتشر له مقطع باكياً فوعده ببذل الجهد ليكون فرحاً بانتصارت الأزرق.
أتذكره محامياً شرساً لحقوق يراها سلبت بلا حق من فريقه.
أتذكره ممازحاً لاعباً وإدارياً ومدرباً.
أتذكره مسانداً قوياً وجبلاً لا تهزه الرياح مهما كان هبوبها لكل من يعمل معه.
تدور دائرة الذكريات أمام عيني وأنا أرى على الطرف الآخر أصواتاً أصابها النشاز جعلت من هذا الرجل الذي اتفق المنافسون والمتخاصمون على أن مجرد وصوله ودخوله لأجواء الرياضة هو شهادة إضافية لقيمتها وأهميتها وسمو أهدافها الاجتماعية والإنسانية والوطنية أيقونة تحاول عن طريقة لعب دور المحب للهلال أكثر من غيرها
لم يقدموا للهلال سوى الحب والتشجيع فيما عبدالرحمن بن مساعد وهذا كلام يشهد به الجميع قدم ماله وصحته ووقته وقبل كل هذا الحب الكبير.
ماهي أخطاؤه التي يمكن الحديث عنها؟.. هذا ما دار في خيالي وأنا أبحث لهم عن بوابة أعذار ونافذة تبريرات لكني وجدت كل الأبواب موصدة والنوافذ مغلقة.. في فلسفة كرة القدم ليس هناك أصعب من البقاء والاستمرار في أجواء المنافسة.. والأمثلة ماثلة أمام الجميع سواء كانت هذه الأمثلة محلية أو إقليمية أو دولية.
الهلال مع شبيه الريح لم يكن شبه متواجد في عاصفة المنافسة بل كان طرفاً ثابتاً لم تهزه الرياح في أي بطولة.
تجاهل الياباني نيشيمورا ثلاث ضربات جزاء أوضح من عين الشمس في رابعة النهار وصارت تلك الجزائيات أشبه بالفضيحة المجلجلة التي مازال صداها يهز أروقة اتحاد القارة حتى أن الرئيس النصراوي الذهبي فيصل بن تركي استشهد بتلك الحادثة قبل أيام قليلة مدافعاً عن حق هلالي مسلوب.
إنني لا أحمل رسالة محملة بالورود إلى رجل مثل عبدالرحمن بن مساعد لأنني لا أريد أن أكون كبائعي الماء في حارة السقايين، لكني أحمل رسالة ملطخة بالألم لمن أراد أن يلعب دور البطولة على حساب البطل الحقيقي فضل طريقه.
أيها الغاضبون لا تتذكروا مثلي كل شيء، وإنما فقط أذكركم أن رماحكم تكسرت وبقي بها بقايا أخشاب لن تحرق إلا قلوب اكتوت بنيران صديقة ما حسبت يوماً أن تكون هذه هي النهاية.
أما أنا فسأكتفي بما قاله البلطان وأقول فهمتك يا عبدالرحمن بن مساعد لكن بعد فوات الأوان.