لو أن أندية دوري زين المحترفة بلغت حداً -لقلنا: معقول- من الملاءة المالية والاحترافية وأن التطور الذي تشهده في هياكلها الإدارية والفنية والاستثمارية والتسويقية جر معه أندية خارج الدائرة الاحترافية. ولو أن شركات الرعاية تتسابق وتتنافس على رعاية الأربعة عشر نادياً محترفاً، وبات سوق الاستثمار الرياضي في حاجة إلى المزيد من الأندية مما يستدعي احترافها لقلنا إن القرار الأخير بتحويل أندية الدرجة الأولى إلى أندية محترفة جاء ملبياً لأحداث على أرض الواقع. والواقع يقول إن خمسة أندية هي: النصر والهلال والأهلي والاتحاد والشباب، هي من وفقت في الرعاية من شركتين فقط هما الاتصالات السعودية وموبايلي، وفيما عدا ذلك تعاني تسعة أندية من العسر المالي والعذاب في المطالبة بحقوقها من النقل التلفزيوني وغيره. وإذا كان هذا واقع أندية الاحتراف الممتازة فماذا سيكون الوضع مع احتراف الفقراء من أندية الدرجة الأولي؟.. إنة أشبه بوضع العربة أمام الحصان ويقال لأندية تدار بطريقة بدائية تفضلوا ابحثوا عن رعاة لكم، وهم الذين لا تتوفر لديهم الأموال ولا مقومات الجذب الاستثماري بكافة أشكاله فلا بنية تحتية محفزة ولا أيضاً عقول متخصصة. يبقى القول أن معدي دراسة التحويل والذين أوصوا بصدور مثل هذا القرار أنهم أشبه بمزارعين حرثوا أرضهم في منطقة صحراوية وبذروا الحبوب على أمل أن يأتي المطر وإن أتى فهو غير كاف لنمو الزرع. ويبدو أن القرار الأخير فيما يتعلق باحتراف أندية الدرجة الأولى جاء استجابة لاشتراطات الاتحاد الآسيوي فقط، وأشك إن كانت هناك دراسة علمية واقعية جادة توصلت إلى جاذبية الاستثمار في هذا القطاع الفقير في كل شيء. وتبقى إشارة إلى أنه منذ قيام هيئة دوري المحترفين عام 2009 التي أصبح اسمها الآن رابطة الأندية المحترفة إنها لم تقوم بما يكفي في دعم الأندية بخبراتها والترويج لها والمساهمة في حماية حقوقها. والملاحظ أنها انكفأت في التركيز على مصالحها وغيبت الأندية الذين هم الأساس الجاذب للاستثمارات عن عقودها مع الشركات الراعية للدوري ومنافستها للاتفاق على عقد رعاية تويوتا و(تغيير) مساره لها لدليل على ذلك. وحتى الآن لم يلمس الوسط الرياضي إلا قليلاً من الإنجاز وكثيراً من (الجعجعة) حول جاذبية الاستثمار الرياضي في ظل بنية متواضعة تفتقد إلى عناصر الجذب.. بالإضافة إلى استمرار (القرصنة) في ضرب منتجات الأندية في الأسواق بسلع مقلدة رخيصة تباع قرب أسوار الملاعب والأندية والأسواق وفي وضح النهار. وهذا يدفع إلى القول أيضاً إن البيئة القانونية الضامنة لإنجاح الاستثمار والمحافظة على حقوق المستثمرين سواء أندية أو شركات راعية للأندية بلغت من الهشاشة ما يجعل الاستثمار الجدي في هذا المجال محفوف بمخاطرة كبيرة. فالأسواق تعج بالمقلد مما رخص سعره واهترأ جودته رغم تماثله مع الأصل إلى حد يخدع الناظرين، والمسؤولية هنا لا تقع على جهة واحدة تلقى عليها اللائمة في وجود مثل هذه المنتجات المقلدة فبعضها يأتي عبر المنافذ الجوية والبحرية والبرية وأغلبها ينتج محلياً. وفي ظل بقاء الهشاشة التحتية والرقابية على حالها سيبقى عنصر الجذب ناقصاً والعبث في سوق المنتجات الرياضية للأندية قائماً ما لم يواجه بتفعيل قوي لأنظمة مكافحة الغش التجاري. كاتب صحفي