|


محمد السلوم
صباح بلا سلطان
2011-10-23
(يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية...) صدق الله العظيم.
استيقظ الشعب السعودي صباح السبت بلا سلطان، وكدره نبأ إعلان وفاة الأمير سلطان بن عبد العزيز ولي العهد ونائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع والطيران والمفتش العام بعد صراع مع المرض، رحم الله فقيد الشعب والأمتين العربية والإسلامية وأسكنه فسيح جناته وألهم محبيه الصبر والسلوان.
لقد رحل الرجل الذي عرف بمواقفه الثابتة تجاه وطنه وأبناء بلده وأمته العربية والإسلامية، رحل الرجل المصنف ضمن الكبار بحكمته في عالم السياسة والإدارة والاجتماع، رحل (رحمة الله عليه) وترك خلفه الذكر الطيب بإنجازاته العملية وبأعماله الخيرة التي عمت البلاد والعباد، وستكون بإذن الله في ميزان حسناته يوم الحساب.
والفقيد الملقب بسلطان الخير في حياته.. سيبقى له الخير بالدعاء له بعد مماته، ولد ولادة طبيعية في حياته السياسية وسط أسرة سياسية مباركة اتخذت خطا واضحا في تعاملاتها الدولية والإقليمية والداخلية، مستنيرة بكتاب الله وسنة رسولة صلى الله عليه وسلم، وبحكمة سياسية متراكمة أسس لها القائد الموحد الملك عبد العزيز طيب الله ثراه.
والحديث عن مآثر الفقيد يطول إسهابا أو إيجازا أيضا، وسأكتفي بموقف واحد أنا شاهد عليه ولازال محفورا في ذهني منذ أكثر من عشرين عاما ضمن عدة مواقف لافتة ومبهرة في كيفية التعاطي الحكيم مع الأحداث.
فبحكم عملي الصحفي وتغطيتي إبان عملي في جريدة الشرق الأوسط لأحداث كثيرة محلية وخارجية ...لازلت أتذكر إجابة حكيمة لسؤال طرحته على الأمير سلطان في ظروف كانت أجواء الحرب تخيم عليها بعيد انتهاء حرب تحرير الكويت مطلع عام 1991 عقب رعايته مناسبة عسكرية.
وكان السؤال حول مماطلة العراق في تنفيذ القرارات الدولية مما قد يعرضه لضربات جوية من قوات التحالف، وقد تكون ردة فعله تجاه دول الجوار وعما إذا كانت صواريخ باتريوت باقية في القواعد السعودية؟ وكان رده السريع رحمة الله عليه (وهل من الحكمة أن أجيبك على هذا السؤال).
كان بإمكان الفقيد تجاهل السؤال وسط زحمة أسئلة الصحفيين الكثيرة، لكن فقيد الأمة كان حريصاً على الإجابة على كل أسئلة الصحفيين وفق ما يقتضيه الموقف من إجابة.
لقدر رحل سلطان الساعد الأيمن لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز إلى مثواه الأخير، والقيادة والشعب السعودي المؤمن بقضاء الله وقدره في مصابهم الجلل قادرون على امتصاص صدمة الألم لفقدان رجل عظيم بالمقاييس السياسية والإنسانية.
إنه الموت قدر البشر ولامفر منه، (وكل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام).. سائلين المولى عز وجل أن يتغمد الفقيد بواسع رحمته ومغفرته، وأن يسكنه فسيح جناته، وأن يجزيه خير الجزاء لما قدمه لدينه ووطنه.