|


محمد السلوم
الهروب من العيد
2011-09-01
لم يبق من مظاهر العيد المتعددة القديمة في بلادنا إلا العرضة الشعبية وصلة الرحم التي لا زالت لم تتآكل بعد فهو فرصه لوصل من انقطع ما بين العيدين فقد أصبح الإنسان في هذا الزمن أسيرا لأعماله وعاداته الجديدة.
وهذا يعني أن الحياة العصرية ذات الإيقاع السريع فرضت أمراً واقعاً جديداً على الأرض ذهب ضحيته الإرث الثقافي المتوارث من عقود طويلة مثل احتفالات الأطفال في الشوارع ومشاركتهم مع الكبار في تناوله وجبة العيد الصباحية وتوزيع الحلوى على الصغار.
ومعلوم قديما أن وجبة العيد الصباحية هي عبارة عن طبخه شعبية معروفة في كل منطقة وفي المنطقة الوسطى من السعودية مثلا تسمى (الجريش) يتم تناولها بشكل جماعي داخل الأحياء ويشارك فيها أهل الحي ونساءهم من يعد هذه الطبخة وليس العاملات الآسيويات.
ولم يبق من هذا الإرث الذي تلاشى في المدن وربما بقي ما بقي في القرى الصغيرة سوى العرضة السعودية التي تنظم في كل محافظه كما أن العيد لم يعد رباطا قويا يفرض البقاء للاحتفال به كما السابق بل أصبح بمن حضر لمن أراد المشاركة في طقوسه والغائب لا أحد يسأل عنه في حين في السابق يفتقد الغائبون.
فهناك من يستغل إجازة العيد للسفر للخارج للهرب من الأجواء المكربنة في المدن والروتين الممل في حياته بحثا عن أجواء مختلفة لـ(تغيير مزاجه) كما يقولون بعيدا عن زحام الزائرين وتلوث المدن التي تفيض بسكانها وسياراتها.
وهناك من يبقى في مدينته وآخرون يحتفلون في قريتهم وتتعدد الخيارات والعيد ليس قالبا موحدا في جميع مناطق المملكة فكل منطقة لها طريقتها في الاحتفال غير أن الثابت في كل المناطق مع تآكل طقوس شعبية كثيرة بقاء العرضة أو الرقصة الخاصة بكل منطقه وهي الباقية بصلابة أمام رياح التغيير السريعة في هذا الزمن.
و العيد للجيل الجديد في الوقت الحاضر لم يعد يلبي كل مطالبهم واهتماماتهم الترفيهية والمعلوماتية فلا دور سينما ولا مسرحيات مميزة تنشط في مثل هذه الأيام التي يفترض أن تكون مشبعة بخيارات البهجة للكبار والصغار.
كما أن العيد أصبح هدفا من أهداف تجار الترفيه الذين يبالغون في رفع أسعارهم وفي مدينة كبيرة مثل الرياض بعيدة عن البحار ليس أمام الكبار لإسعاد صغارهم إلا خيارات محدودة منها الذهاب إلى المدن الترفيهية أو الذهاب إلى براري الرياض والإقامة في المخيمات لمدة قصيرة لتغيير الأجواء أو التنزه في حدائق محدودة الإمكانيات.
ومن الخيارات الأخرى شد الرحال إلى المنطقة الشرقية أقرب البحار إلى الرياض حيث البحر والفرجة المجانية على الشاطئ واستثمار الإمكانيات المتاحة في تحقيق أكبر بهجة للأطفال قبيل الغروب وهو الوقت المناسب في مثل هذه الأجواء.
يبقى القول لكسر الروتين الممل للكبار والبالغين والصغار على حد سواء يفترض تنظيم مسابقات ثقافية وترفيهية ترتب لها وتشرف عليها الشركات والبنوك العملاقة في البلاد كجزء من واجبها تجاه المجتمع وجمهورها على غرار فعاليات شركتي سابك وأرامكو للثقافة والترفيه أيام العيد.
أي أن المطلوب فعاليات غير كلاسيكية تنعش الكبار والصغار كما أن هناك فكرة لو عمل بها سيكون لها صدى طيب عند المهتمين وهي تنظيم مباريات بين المتنافسين كرويا في كل مدينة في السعودية.
ومثل هذه اللقاءات تكون ذات طابع استعراضي اكثر من تنافسي بحيث يكون الفريقان خليطا من لاعبي الناديين المتنافسين في كل مدينة ومثل هذا الإجراء يخدم أيضا حملة الاحترام التي ستنطلق مع بداية الموسم.
ويجوز القول إن عملا مثل ذلك لو تم سيخفف من الاحتقان بين الأندية الجماهيرية في كل مدينه وسيساهم في حلحلة التعصب الرياضي فضلا عن جاذبيته للمشاهدين والجماهير وللمعلنين ويخصص ريعه للجمعيات الخيرية وكل عام وانتم بخير.