ـ لم يحرج الأهلي برشلونة بأدائه الجميل وثقته في قدراته وأهدافه الثلاثة التي أحرزها في الشوط الثاني فحسب بل أحرج أولئك الشامتين الذين توقعوا وتمنوا أن ينصب الفريق الكتالوني سيركًا من الأهداف في مرمى الأهلي وأن تكون مباراة الطرف الواحد لتكرار سيناريو مؤلم بالنسبة لهم في مباريات احتفائية لأنديتهم جاءت نتائجها على غير ما يتمنون، وللأسف فالمزاج العام الغالب للمشجع هنا كما هو الإعلامي يحمل ثقافة مختلفة في فن الترصد والتصيد و(الطقطقة) والأخير هو المصطلح السائد ليس فقط في وسائل التواصل الاجتماعي بل حتى في بعض البرامج غير المقنعة ، وفي المقابل كان هناك إعلاميون وبرامج وقنوات قدمت مادةً ثرية وآراء نقدية ووصفا دقيقًا وتغطية متكاملة للحدث الكبير وحازت على الإعجاب واستحقت الإشادة في إطار مهني لائق وكل هؤلاء وقف لهم المتابع الحصيف تقديرًا واحترامًا لحرفيتهم الإعلامية.
ـ الأهلي حقق انتشارًا كبيرًا وتناقلت الوكالات العالمية اسمه وهو يجابه برشلونة الشهير بل إن الدليل الذي اعتاد برشلونة نشره لأنصاره باستمرار كان يحتوي على معلومات عن الأهلي قرأه الكثير من محبي الفريق الكتالوني حول العالم، وهي دعاية لا تقدر بثمن وانتشار واسع حققته مباراة واحدة أكثر من أي بطولة أو تجمع رياضي، وفي ظل المواجهات الودية المحدودة التي تعد على أصابع اليد التي خاضها برشلونة طوال تاريخه أمام الفرق العربية، وكانت المواجهة الأخيرة من أجملها وأكثرها ندية وحضورا فنيا ومتعة كروية نسبة لعدد الأهداف والمستوى وعدد النجوم في الفريقين.
ـ الأهلي وبرشلونة.. مباراة للتاريخ أمام أكثر من ثمانية عشر ألف مشجع في ملعب الغرافة وملايين المتابعين في العالم الذين وثقوا في أذهانهم هذا الوجه الجميل الذي قدمه النادي الأهلي السعودي عن الكرة السعودية في الوقت الذي سيحتضن فيه متحف البرشا كأس البطولة التي حملت في إحدى واجهاتها اسم الأهلي كما أن قاعة الملكي في مقر النادي الأهلي ستحتضن الدرع التذكاري لمناسبة الخطوط القطرية الراعي الرسمي للنادي والهدايا والشعارات التذكارية التي تحمل اسم برشلونة أفضل فريق في العالم منذ سنوات وحتى وقتنا الحاضر بمنجزاته وبطولاته ونجومه الكبار فنا وقيمة في سوق الكرة العالمية.
ـ مكاسب كثيرة حققها الأهلي من وراء هذه المناسبة منها الوجه الحضاري الاستثماري الذي قدمه الشريك التجاري (الخطوط القطرية) ودعوة النادي الأهلي لهذه المواجهة علاوة على المستوى الكروي الجميل الذي قدمه باسم الكرة السعودية والكم العالي من الإشادات بثقة لاعبيه وأدائهم المقنع وعطائهم الثري، ولا أنسى في خضم هذا الكرنفال الحضور الجماهيري الكبير الذي سطره أنصار الأهلي في ملعب الغرافة وتشجيعهم الحضاري وأهازيجهم التي جعلت الجماهير في دول الخليج تقلدها وترددها بإعجاب .
ـ إحدى ثمار هذه الصورة التي جسدها النادي الأهلي بأداء لاعبيه وجاذبية جماهيره حرص الخطوط القطرية على تجديد رعايتها للنادي بل وكشفت بافتخار أن عدد متابعيها تجاوز المليون منذ رعايتها لهذا النادي العريق وهو ما دفعها لتقديم مميزات جديدة للنادي على صعيد المقابل المادي والمكافآت المجزية ، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن الفترة المنقضية من العقد السابق أعطت الشريك الاستراتيجي رؤية دقيقة عن النادي وقدرته على إدارة دفة أموره المادية دون تحميل النادي ديونا طائلة وعدم وجود فراغ إداري ووجود شخصية رياضية حكيمة يعود إليها النادي كمرجعية ومظلة يستظل بها من حر الأزمات.
ـ لفت نظري في اللقاء الحماس العالي والأداء المميز للمهاجم مهند عسيري بهدفيه الواثقين، فمهند قد أعطى مؤشرات اطمئنان للجماهير بقدرته على المشاركة الإيجابية الفاعلة كبديل ناجح أو مشارك لنجم الهجوم الأول عمر السومة ، وهنا كان لزامًا على جروس منحه فرصة مناسبة للقيام بدوره وإثبات وجوده فهو يملك ربما مميزات هجومية تتشابه مع مميزات السومة من ناحية الاستثمار الجيد للفرص واستغلال الكرات الرأسية ويختلف عنه في التواجد الحثيث خلف الكرة.. ولعل ما يشجع جروس على الاستعانة به واستثمار إمكانياته هو ضغط المباريات والمشاركات المختلفة المقبلة على الصعيدين الآسيوي والمحلي.
ـ وأنا أتابع المباراة وجدت مشجعًا أهلاويًا إلى جانبي يملك رؤية فاحصة عن إمكانيات اللاعبين عززتها متابعة دقيقة وهو يؤكد أن سعيد الربيعي سيكون ضالة الأهلي الدفاعية إلى جانب آل فتيل ومعتز متى ما منحه جروس الفرصة بالمشاركة في المباريات ، وهذه الرؤية عندما تأتي من الجماهير فإنها تمنح اللاعب شعورًا داخليًا بالاعتزاز بالقدرات والشعور كذلك بأن الجمهور يسانده ويمنحه دعمه وثقته وهذا الأمر ينعكس إيجابًا على حضور اللاعب وثبات مستواه.
ـ ربما يسأل السائل: ما انعكاسات هذا اللقاء على حضور الأهلي في الدوري والمسابقات الأخرى؟ والإجابة تأتي في سياق مكتسبات الأهلي المعنوية وتعزيز الثقة بالنفس والاعتداد بالإمكانيات والقدرة على التعايش مع ظروف المباريات، وفي مباراة الغد أمام التعاون فرصة حقيقية لإظهار هذه المكتسبات وفي بقية المباريات بحصاد النتائج والتمسك بلغة الفوز كلغة رئيسية تعد عنوانًا للفريق الأخضر بطل الثلاثية.