مباراة الفصل أو الحسم أو تحديد البطل لنسمها ما نشاء إلا أنها في النهاية ليست ككل المباريات، فهي تعد أعلى مراتب المنافسة وأرفع درجات الإثارة وذروة حسابات الفوز والخسارة، ويكفي أن تقول أهلي وهلال ليستبين لك أن الندين المتنافسين هما الأفضل والأقوى والأجدر والأكثر ظهورًا نتائج ومستويات والعنوان البارز لكرة القدم السعودية هذا الموسم، في هذه المباراة تحديدًا وكل مباريات الكلاسيكو لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تعطي أفضلية الترشيح لطرف على آخر مهما كان التباين ومهما كانت الحالة الفنية ومستوى الجاهزية، فكم من مرة خرج فوز الأهلي من رحم الترشيحات الزرقاء وكم كسب الهلال بنفس الطريقة، لكن هناك عامل مؤثر جدًا قد يفرض سطوته على المباراة ويتحكم في رتمها ألا وهو عامل التأثير الجماهيري طالما أن المباراة في جدة وفي أحضان الجوهرة.
ـ الرصد التاريخي لعملية التأثير الجماهيري تؤكد أن قاعدة الأهلي الجماهيرية هي الأكثر تأثيرًا في الجانب المعنوي ولنا مثال حي في أن هذه الجماهير انتشلت فريقها من مركز متأخر في الدوري قبل عدة سنوات لتقدمه كبطل لألقاب كؤوس وتحفزه للعودة للمنافسة على اللقب الأهم وهو بطولة الدوري التي حصدها الأهلي في تاريخه ثلاث مرات وغاب عنها طويلا، وقد كان يستحق أن يحقق هذه المسابقة عبر مراحلها ومسمياتها المختلفة أكثر من ست مرات كان فيها تارةً المتصدر وتارةً الأفضل إمكانات ويصطدم بظروف النهايات، وفي كل مرة يقدم الأهلي فيها نفسه يكون وراءه جمهور مؤثر على قدر من المسؤولية والشعور بحاجة اللاعبين إليه، وأجزم بأن اللاعبين أحوج في هذا التوقيت الحساس لمساندة جماهيرية فاعلة تساعدهم وتحفزهم لتحقيق الطموح إضافةً لاستشعار اللاعبين أنفسهم لقوة منافسهم وأن الإمكانيات وحدها لا تكفي ما لم تكن مقرونة بالروح العالية والإصرار على الانتصار وحسم اللقب في دار الأهلي قبل أن يذهب لدار الهلال.
ـ هناك من يعتقد أن مسألة الترشيحات والتوقعات والتخمينات قد تكون مؤثرة وأظن أنها مجرد ثرثرة ، يعيشها الشارع الرياضي ويعتقد بأهميتها في وقت يؤكد فيها العقلاء أن الأهلي والهلال هما فارسا هذا الموسم وكلاهما يملك من القدرات ما يؤهله لإسعاد جماهيره بشرط الاستثمار الصحيح لهذه القدرات، أما ميدانياً فالنجم الحقيقي هو من يسطع ضوئه في الليالي الحالكة وهو من يحفر اسمه في ذاكرة التاريخ، ولنا عبرة في نجوم كبار يجدون الحفاوة والترحاب دوما لما يملكونه من إرث تاريخي وسجل حافل بالذهب تتذكره الجماهير دائما، وكل لاعب يستشعر هذه المسؤولية يرغب في أن تكون له بصمة حضور في ذاكرة الدوري مقياس الجدارة وترمومتر القوة والأفضلية.
ـ الحضور الإيجابي في المباريات الماضية والانتصارات السابقة التي تحققت يجب أن تساهم في خلق الرغبة في تكرار لحظات الفرح وإلا ستكون تلك المرحلة بلا معنى، ومجرد الاكتفاء بالانطباع الجيد الذي تركته النتائج دون استكمال سلسلة الانتصارات في مباراة الأمتار الأخيرة سيظل عائقا أمام الوصول للهدف، ومن يريد التتويج عليه أن يكافح طوال الدقائق التسعين ليرضي نفسه ويرضي جماهير ناديه وينال لحظة الفرح في نهاية المطاف.
ـ الأهلي طوى صفحة الجيش بعد أن هزمه برباعية ويعلم أن هذه الصفحة مختلفة وأن هلال تراكتور مقبل على تحد خطير ومغامرة كبيرة بين جماهير لا ترحم ولن تصمت طوال دقائق المباراة، والضغوط الجماهيرية على الهلال إما أن تغرس فيه الصبر والمقاومة أو تمهد أمامه الطريق للأنهيار أمام خصم عنيد يرغب في التمسك بالصدارة مهما كانت قوة منافسه.
ـ الأهلي يدرك أن الهلال قوي وحضر إلى جدة لانتزاع الفوز، والهلال يدرك أن منافسه الأهلي لن يفرط في فرصة ذهبية حضرت إليه في داره وعلى أرضه وبين جماهيره .. فمن ينتزع الآهات ويحقق لجماهيره الطموحات ..؟ ممكنة كل التوقعات.