حتى في أرقام الجماهير وإحصائيات الحضور والتعامل مع مرتادي الملاعب امتزجت العاطفة بالميول وسيطرت الأهواء على التنظيم، وأصبحنا نعقد أسهل الأمور من أجل ألا يتفوق هذا النادي على ذاك ولا يحصد نجاحًا يمكنه من الحصول على امتيازات لدى الشركات والرعاة، وهنا أسأل عن المهنية ودقة العمل وخلع معطف الميول قبل التوجه لأداء أمانة موكلة على عاتق هذا الموظف أو المسؤول، فبعد أن حققت مباراة الأهلي والشباب في نهائي كأس الملك العام الماضي أعلى حضور جماهيري شهدته الملاعب السعودية في تاريخها بلغ أكثر من أربعة وثمانين ألفا ثارت ثائرة المتعصبين وغريزة الغيرة لدى المغتاظين ممن لا يريدون الأفضلية لجماهير الأهلي وبدأوا هذا العام في إبراز صورة جماهير أنديتهم وإظهار أنها الأكثف والأكثر حضورًا والتركيز في مناسبات عدة على إجهاض حقوق الجماهير المنافسة ، لقد جبلنا منذ سنوات على التناقضات ولم نشهد إحصائية دقيقة لمباراة واحدة واشتكى الأهلي والهلال والاتحاد والنصر من هذه الآلية ثم صحونا مؤخرًا على إعلانات ساعات الملاعب عن أرقام الحضور دون توثيق أو تدقيق بل والطامة الكبرى أن هناك من يخضع هذا الأمر للاجتهاد والتقريب وهذا خطأ فادح ومؤثر في التقييم الجماهيري، وسأعطيكم مثالا واضحًا ففي مباراة الأهلي وهجر الأخيرة ظهرت إحصائية فحواها تجاوز الحضور ستين ألف مشجعا ثم ظهرت إحصائية من صلة تقول أن حضور المباراة أقل من مباراة الاتحاد والفتح بحوالي مائتي مشجع، أما لماذا فالضالعون في مثل هذه الأمور أو بعض الظرفاء قالوا إن موظفي صلة كانوا ضمن تعداد جماهير مباراة الاتحاد والفتح ولم يكونوا ضمن تعداد جماهير مباراة الأهلي وهجر.
ـ ليس شرطًا أن يدخل الملعب ما يوازي مقاعده أو سعته من الجماهير فهناك استثناءات كما حدث من جماهير الأهلي في نهائي كأس الملك العام الماضي عندما تجاوزوا كل الأرقام وحتى أضرب مثالا قريبًا فإن حضور مباراة الهلال والسد الأخيرة تجاوز سعة الملعب وفي مناسبات كثيرة ماضية حدثت عملية التجاوز الجماهيري لسعة الملاعب إلا أنني لا أجد تفسيرًا لبقاء خمسة آلاف مشجع أهلاوي أو يزيد عن هذا الرقم خارج أسوار ملعب الجوهرة في مباراة الأهلي وهجر في دوري جميل وكيف تم إغلاق المنافذ رغم وجود وقت كاف على بداية المباراة، ولن أقول أن هناك من نقل لي هذه الصورة بل شاهدتها بأم عيني فقد كنت من حضور اللقاء وتأكدت من وجود كراس تستوعب كل هؤلاء الذين لم يتمكنوا من دخول الملعب ، فلمصلحة من يتم هذا الإجراء وما ذنب الجماهير التي تتحمل المشاق والمصاعب وتستقطع من وقتها لمساندة ناديها المفضل؟ وكيف نبحث عن حضور جماهيري كثيف ودائم في وقت نحارب فيه هذه الجماهير بالعراقيل والمنع والقرارات التعسفية؟ وهل هذه هي من عوامل الجذب الجماهيري التي وعد بها المشجعون؟ وهنا لن أحمل طرفًا واحدًا المسئولية كاملة بل لا بأس من المطالبة بعمل احترافي ومهني لا ينظر للميول ودائمًا ما يعزز الإيجابيات ويتلافى السلبيات ويستقطب الجمهور بحسن تعامله ويغريه باللطف ولين الجانب حتى لو اضطررنا للتغيير والنظر حولنا فهناك من يستطيع القيام بأدوار أفضل ويوفر أجواء أجمل للجمهور الرياضي الذي يعد ملح الرياضة السعودية وكرة القدم بشكل خاص وهو الهدف الرئيسي من إقامة البطولات والمنافسات وبدونه حتى اللاعبين لا يتحمسون ويلعبون دون دافع معنوي، فلماذا نحجمهم ونمنعهم بهذه الصورة وفي نفس الوقت نطالبهم بالحضور؟ أليس ذلك تناقضًا؟.