وأنا أتابع نتائج قرعة نهائيات كأس آسيا والتي ستقام في يناير 2015 في استراليا تخيلت أن المنتخب السعودي الذي وقع في المجموعة الثانية إلى جانب الصين وأوزبكستان وكوريا الشمالية هو المنتخب السعودي المرعب الذي كان على مدى سنوات طويلة (البعبع) الذي تهابه المنتخبات الآسيوية وتتمنى أن تتجنبه في الأدوار التمهيدية وفي مرحلة المجموعات فهو قد كان يملك الأسماء الثقيلة اللامعة كماجد والنعيمة وعبدالجواد والهريفي والجمعان وصالح خليفة والمصيبيح ثم الثنيان وأحمد جميل والخليوي والجابر وعبدالغني وشلية والعويران وغيرهم وتجد ملامح قوته في كل مراكزه لذا فإن مدربي المنتخبات المنافسة حينها كانوا يحسبون ألف حساب لقوة المنتخب السعودي الذي نافس على ذهب القارة على مدى أكثر من عشرين عامًا وحاز كأسها ثلاث مرات بجدارة ومهارة واستحقاق ، ولأن المواهب لا تتكرر إلا في النادر كان من الطبيعي عند رحيل هذا الجيل الذهبي البحث عن نجوم آخرين يكررون هذه الإنجازات ويرسمون بأقدامهم صفحات جديدة من الذهب للحفاظ على هيبة الكرة السعودية إلا أن ذلك لم يحدث وتجرع منتخبنا وأنديتنا مرارة الخسائر على صعيد المسابقات الآسيوية الماضية وتضعضعت هيبتنا الكروية ولم نعد كما كنا يحسب لنا ألف حساب وأصبحت المنتخبات الخليجية فضلاً عن الشرق آسيوية تعد مباراة منتخبنا إحدى المباريات التي لا يهتم بها كثيرًا لأن سمة التكافؤ موجودة بل أنني متأكد أن القرعة الأخيرة التي شهدتها دار الأوبرا في استراليا كانت المنتخبات الأخرى تنظر لمنتخبنا نظرة مختلفة عن ذلك الانطباع الذي كانت تحمله عنه قبل سبع أو ثماني سنوات وتحديدًا منذ آخر نهائي آسيوي كان للكرة السعودية فيه حضور قوي عام 2007 م في أندونيسيا ..
ـ ومن وجهة نظري فإن ما حدث للكرة السعودية من اهتزاز في السنوات الماضية يعد أمرا طبيعيًا لا كارثيًا فمن الصعب أن تظل تهيمن على عرش الكرة الآسيوية لأبعد من تلك السنوات الطوال التي ظل فيها المنتخب السعودي على هرم القارة كرويًا والسبب أن المنتخبات الأخرى في الوقت الذي ظل فيه المنتخب السعودي يحقق الإنجازات القارية كانت تعمل وتخطط وتهتم بإمكانياتها وقدراتها ومواهبها ومدارس النشء فيها واستقطبت أفضل القدرات التدريبية وأنشأت المدارس والأكاديميات الكروية وأرسلت بعثاتها الكروية للبرازيل وغيرها من الدول المتقدمة كرويًا وضمنت تواجد أسماء عدة في الدوريات الأوروبية ليكون لها قصب السبق والتفوق في السنوات اللاحقة وهو ما حدث ، لذا كان يجب أن تكون هناك نظرة مختلفة وواقعية لمستقبل منتخبنا الأول في ظل هذه التحديات الجديدة والعمل وفق استراتيجيات جماعية وشاملة للأندية والمنتخبات ولكن ما لا حظناه في السنوات الأخيرة أن الفكر الرياضي الذي يقود أنديتنا بعيدًا عن لغة البطولات والإنجازات هو فكر لحظي يقوم على استهداف المنجزات دون النظر للتطوير والعمل المستقبلي باستثناء فكر الأمير خالد بن عبدالله في النادي الأهلي ..
ـ لن نسرف في التشاؤم ولن نبالغ في المقابل في التفاؤل بمنتخبنا الجديد الذي يحمل على عاتقه مهمة ثقيلة وتركة صعبة يجب أن يعيها الجيل الحالي فهو قد ورث تاريخًا مرصعًا بالذهب صنعه نجوم أفذاذ لذا عليهم أن يدركوا أبعاد هذا التاريخ وضرورة الحفاظ على صورته واستعادة العرش الآسيوي المفقود منذ عشر سنوات ويأتي هذا العمل في جانب التهيئة المعنوية بالمساواة مع العمل التدريبي والفني ، كما يجب الإشادة بالحماس والروح العالية التي كان عليها لاعبو المنتخب السعودي الجديد طوال فترة التصفيات الأولية مع منتخبات قوية بحجم الصين والعراق وحفاظ منتخبنا على صدارته وحسمه للتأهل قبل جولات النهاية وهو ما يبعث الأمل في إمكانية صناعة منتخب قوي وجماعي يستطيع مقارعة الكبار والمنافسة على اللقب القاري وليس ذلك ببعيد على لاعبين أغلبهم يملكون خبرة المشاركة في المسابقات القارية وسبق لهم تمثيل أنديتهم في المعترك الآسيوي علاوةً على روح الشباب والحماسة والرغبة في صناعة أسمائهم ضمن طموح الرغبة في صناعة منتخب قوي يشار إليه بالبنان ..
ـ مجموعتنا الآسيوية التي وقعنا فيها في النهائيات ليست صعبة فالصين سبق وأن كسبناها قديًما وحديثًا وأوزبكستان وكوريا الشمالية منتخبان متطوران يبحثان عن اسم وموقع في خارطة كرة القدم في آسيا كما يبحثان عن إنجازات ، وأتوقع أن يتأهل منتخبنا للمرحلة التالية من البطولة وعليه حينها التفكير جليًا في تخطي كل مرحلة ووضع الأدوات المناسبة التي تمكنه من تحقيق الإنجاز أما الإعداد لهذه البطولة فهناك متسع من الوقت أمام الجهاز الفني بقيادة لوبيز كارو لصياغة المنتخب وعلى اتحاد الكرة أن يوفر له البرنامج المناسب ويحميه من إشاعات الاستبعاد التي طالته في الفترة الماضية أو إعلان ما إذا كانت هناك استراتيجية جديدة للأخضر في الفترة المقبلة ..
ـ الخلاصة أن من كان يبهرنا في السابق هو منتخب كان صنيعة نفسه فاستحق لقب منتخب (الأعلام) بمعنى النجوم التي استطاعت صناعة المجد بعرق جبينها وحماسها بينما المنتخب الحالي لا زال هو صنيعة (الإعلام) وننتظر منه صنيعة لنفسه يبرهن بها على أنه يستطيع أن يرسخ في ذاكرة الإنجازات .