ـ ليس غريبًا على النادي الأهلي ما قام به من واجب تجاه نادي التعاون وإدارته وأعضاء شرفه وجماهيره وذوي الفقيد ناصر البيشي الذين قابلوا خطوة الأهلي بالتقدير والامتنان.. وأجزم بأن الأهلي إنما كان يجسد رسالته التي عرف بها منذ القدم وشخصيته المترسخة في الأذهان ومواقفه ومبادراته في أصعب الظروف، فالأهلي في الأصل لم يجد حجوزات للقصيم ومع ذلك ذهب إلى هناك متحملاً تكاليف طائرة خاصة وعندما حل الظرف القاهر بأشقائه في التعاون كان المبادر بخطوة تأجيل المباراة مراعاة لمشاعر التعاونيين ومشاركةً في أحزانهم، وهذا الموقف يعطي مثالاً جديدًا على ما يقدمه هذا النادي من دروس في التعامل الراقي مع الجميع ويدل كذلك أن هناك في أنديتنا ومن رجالها ومسؤوليها من يملك القدر الوافي من الوعي والإدراك التام بأن المنافسة الرياضية يواكبها مفاهيم جميلة للتعامل بحضارية بصرف النظر عما يدور داخل المستطيل الأخضر من تنافس شريف مهما كانت درجة إثارته. ـ في كثير من المواقف واللقاءات تشعر بأن هناك من يدعم هذا التميز ويصفق له إعجابًا فرئيس النصر الأمير فيصل بن تركي رسخ الأفضلية الجماهيرية الأهلاوية بإشادة بالغة في الصدق عندما طالب الجماهير النصراوية بالاقتداء بجماهير الأهلي في حجم تأثيرها والتصاقها بناديها وهو في هذه الإشادة إنما يغرس لأولى بذور العودة لمنصات التتويج والتي تبدأ من الجمهور وتنتهي به، وحقيقةً فكلنا كرياضيين ومحبين للعراقة والتاريخ نطمح في عودة مظفرة لهذا النادي من أجل إثراء المنافسة وزيادة جماليتها، ولا شك بأن الأمير فيصل قد بذل جهودًا كبيرة ودفع بسخاء لناديه واعترف أنه استفاد من الفترة الماضية التي شهدت بعض الأخطاء التي ربما أثرت على مسيرة النصر في المنافسة، إلا أنها تبقى دروس مستفادة قد تنعكس إيجابًا على هذا النادي في المرحلة المقبلة، وفي هذا السياق أعجبني قرار الإدارة النصراوية الأخير بالابتعاد عن التصريحات الإعلامية والتركيز على الفريق والاكتفاء باللقاءات الإعلامية الرسمية والمؤتمرات الصحفية التي تسبق المباريات عادة وفي هذا النهج فوائد جمة قد يجنيها النصر مستقبلاً بعد سلسلة من التعاطيات الإعلامية غير المجدية التي برزت آثارها السلبية في هز ثقة اللاعبين والجماهير معا، وهذا النهج طبقه الأهلي ونجح فيه بترشيد الأحاديث الإعلامية إلا في ما يستوجب التوضيح لكون الأهلي ومثله النصر والهلال والاتحاد كيانات كبيرة وأندية جماهيرية لا تحتاج للجدالات غير المجدية وتركتها لمن بالفعل يحتاجها. ـ الزميل عبدالله الضويحي وهو صاحب تجربة إعلامية ثرية ربما يدرك بقراءة واقعية للتاريخ بأن عبدالرحمن بن سعيد -رحمه الله- جاء للنادي الأهلي عام 1378هـ لخدمة هذا الكيان العريق، وكان الأهلي في ذلك الحين مشعلاً وعمادًا رياضيًا تقوم عليه رياضة بلادنا كما هو الآن عملاقًا وصاحب صروح وإنجازات إلا أن ابن سعيد لم يترك بصمة في النادي الأهلي كمن سبقه مباشرة في رئاسة النادي وهو محمد القشلان الذي حقق الأهلي في عهده كأس ولي العهد عام 1377هـ.. وبعد ابن سعيد جاء أيضًا عبدالله بحيري عام 1382هـ الذي حقق النادي الأهلي في عهده أول ثلاثية ذهبية في موسم واحد وهي كأس الملك وبطولة المنطقة الغربية وبطولة دوري جدة في وقت كانت المنطقة الغربية هي عاصمة الرياضة ومكان ميلاد كرة القدم السعودية بأنديتها العريقة وإرثها التاريخي قبل أن تترسخ مفهوم المنافسات الكروية وتنتشر اللعبة في مناطق بلادنا الغالية، ربما هو خاض تجربةً إدارية صقلت طموحاته وسبقت خطوات تمكين الكيان الهلالي من النشأة ثم نجح في عمل جبار استحق به الريادة في نادي الهلال، ومع ذلك فابن سعيد نال حقه وافيًا من التكريم في النادي الأهلي أكثر من أي مكان آخر وذلك في مناسبتي التكريم الملكي للنادي بمناسبة حصوله على أربع بطولات خارجية ونيله درع التفوق الرياضي واليوبيل الذهبي للنادي.. فالأهلاويون من طبعهم الوفاء والتكريم حتى لمن كان بينهم وذهب لوجهة أخرى طالما أن الهدف الرئيس هو خدمة الرياضة السعودية التي نفخر جميعًا برموزها ورجالاتها الكبار الذين رحلوا عن ساحتها كما نفخر برجالاتها الكبار الذين يقودونها الآن. كلام ذو معنى الدنيا (قوسان) الأول هو الولادة والآخر هو الموت، فاجعل بينهما شيئًا نافعًا، رحم الله من ودع دنياه إلى آخرته في هذا الشهر الكريم.. وكل التعازي لذوي المهندس طلال رجب أمين عام مجلس أمناء أكاديمية الأهلي وناصر البيشي لاعب التعاون.