لأننا تعلمنا منذ عقود أن العرب اتفقوا على ألا يتفقوا (وهو للأسف ما يتم تأكيده بل وتكريسه كل يوم على كل الأصعدة) فإنه من الصعب جداً أن تتعامل مع أي جانب تتداخل فيه دول عربية متعددة!
ـ لنترك السياسة للساسة فهم الأعرف والأكثر إلماماً بشؤونها خاصة أنها أكثر المجالات التي تعتمد على (المصالح) ولنبقى في مجالنا (الشأن الرياضي العربي) وهو في تصوري أصعب بكثير من الشأن السياسي أو حتى بقية الشؤون كالاقتصادية مثلاً.
ـ سأشرح الفارق بين الوسط الرياضي وبقية المجالات.. طبعاً أقصد على الصعيد العربي بشكل عام.
ـ السياسيون يتميزون (أو المفترض أنهم كذلك) بالحنكة والحلم والخبرة والهدوء وبعد النظر وحسن إدارة الأمور.
ـ بينما ينطلق الاقتصاديون من دراسات ونظريات علمية ثابتة لا تمنح (سوى مساحة محدودة للغاية) لوجهة النظر الشخصية.. بمعنى أن الاقتصادي لا يستطيع (القفز) فوق نظرية اقتصادية ثابتة ومثبتة.
ـ أما الرياضيون فهم عالم مختلف تماماً (وهذه حقيقة علينا الاعتراف بها ومواجهتها وعدم القفز عليها).
ـ مثلما يتميز الساسة (في كل العالم) بالهدوء وبعد النظر فإن الرياضيين (في كل مكان في العالم) تجمعهم صفات التعصب والتوتر والخروج عن النص (لفظياً) سواء كانوا (أي الرياضيين) إداريين أو لاعبين أو مشجعين! وبسبب هذه الصفات (السلبية) أصبح التعامل مع الرياضيين أصعب بكثير من التعامل مع الساسة ورجال الاقتصاد!
ـ بمعنى أنه إذا حدثت مشكلة سياسية فمن الممكن حلها من خلال صفات الساسة التي ذكرتها سابقاً.. ونفس الحال عند حدوث مشكلات اقتصادية فمن الممكن حلها وفقاً للنظريات الاقتصادية أو حتى (مصالح) الدول.
ـ أما المشكلات الرياضية (إذا حدثت) فمن الصعب حلها بل إنها (أحياناً) تتحول إلى (نيران) يصعب إطفاؤها!
ـ يحدث ذلك لأن أكثر من 65% من سكان الدول هم من الشباب وهؤلاء الشباب في غالبيتهم رياضيون ومتى حدثت مشاكل فمن السهل جداً على (الإداريين) إشعال الشوارع من خلال ثورة شبابية (رياضية) تجعل من الصعب جداً إخمادها!
ـ كلنا تابعنا حدوث مشاكل (اقتصادية وسياسية) بين عدد من الدول العربية وتم حلها خلال فترة قصيرة للغاية بينما عندما حدثت مشاكل (رياضية) احتجنا فترات طويلة (لتحجيمها) أما حلها فهو صعب للغاية إذ تبقى ترسبات المشكلة لوقت طويل بسبب صفات الرياضيين التي ذكرتها في السطور السابقة!
ـ ما دفعني لكل هذا الحديث هو القول بأن من السهل جداً حل المشاكل (أو الاختلافات) العربية (سياسية كانت أو اقتصادية) بينما صعب جداً حل مشاكلهم (الرياضية)!
ـ لكن هذه الصعوبة لا تمنعني من مطالبة الاتحاد العربي لكرة القدم من خلال رئيسه الحكيم والمحبوب (الأمير تركي بن خالد) بالتحرك بشكل أكثر إيجابية حيال قضايا تجميد نشاط كرة القدم في بعض الدول العربية.
ـ الاتحاد الدولي لكرة القدم جمد النشاط الكروي الكويتي منذ فترة طويلة (وحتى الآن) ثم جمد (أي الاتحاد الدولي لكرة القدم) النشاط الكروي في السودان مطلع يوليو الجاري (تم رفع الإيقاف قبل عدة أيام)!
ـ أعلم أن هذا التجميد لم يحدث إلا نتيجة مخالفة الاتحادين (الكويتي والسوداني) لأنظمة الاتحاد (تدخل حكومي) وهو أمر مرفوض لا يمكن أن نقبل بحدوثه.
ـ لكن لم نسمع أي تحرك للاتحاد العربي لكرة القدم في محاولة حل هذه المشاكل (أعتقد أن ذلك جزء من مسؤولياته)!
ـ بالتأكيد لا يملك الاتحاد العربي حق التدخل في سيادة الدول لكنه (أي الاتحاد العربي) يستطيع (من خلال علاقاته) التحدث مع الاتحاد الدولي لكرة القدم وشرح طبيعة السياسة العربية ومنح بعض الوقت للاتحادات المحلية بحل مشاكلها بدلاً من المسارعة في اتخاذ قرار التجميد!
ـ ننتظر (كعرب) دوراً أكبر للاتحاد العربي على صعيد حل مشاكل الاتحادات العربية لكرة القدم.
ـ وفي الوقت ذاته أتمنى النجاح للبطولة العربية التي ينظمها الاتحاد العربي لكرة القدم بدءاً من مطلع الأسبوع المقبل.