مساعد العبدلي
نصف الكوب المملوء
2016-11-13
كثيرون يعلمون جيداً الفارق (الكبير) بين مفهومي نصف الكوب (الفارغ) والنصف (المملوء).
ـ ويعتقد من يميز بين المفهومين بأن مفهوم النصف (الفارغ) هو دوماً يشير أو يصف صاحبه بالسلبية وهو اعتقاد غير دقيق تماماً إذ يمكن أن ننظر للمفهومين بطريقة أخرى بعيداً عن السلب أو الإيجاب.
ـ من وجهة نظري الشخصية أرى أن بإمكاننا تحويل المفهومين (الفارغ والمملوء) لأمور تتعلق بدورنا كنقاد وليس بالإيجاب والسلب.
ـ بشكل أوضح....عندما تكون نظرتنا (نقدية) نكون هنا ننطلق من مفهوم النصف (الفارغ) بينما إذا كانت نظرتنا بغرض (الإشادة) فهنا نكون انطلقنا من مفهوم النصف (المملوء).
ـ بالطبع أكثر من 90% من تعاملنا كنقاد هو(نقدي) بحت أي ينطلق من مفهوم النصف (الفارغ) ليس لأننا سلبيون أو نتصيد السلبيات إنما لأن دورنا في معظمه نقدي بغرض التصحيح والإصلاح للوصول للإيجابيات وهنا نكون انتقلنا من النصف الفارغ نحو المملوء.
ـ المهم أن نملك (كنقاد) الجرأة في الإشادة والإنصاف بشخص أو عمل ما عندما نجد من أو (ما) يستحق الإشادة مثلما نسارع (بكل جرأة وشجاعة) لتسطير معلقات الانتقاد عندما تبرز السلبيات.
ـ أيام بل أسابيع وأشهر ونحن ننقد دون توقف حتى قال كثيرون إنه لا يرضينا شيئ في وسطنا الرياضي.
ـ مشكلتنا بشكل عام في العالم العربي إننا شعوب ننفعل سريعاً وتحركنا عواطفنا بشكل كبير ونعتقد أن من ليس معنا فهو (دوماً) ضدنا.
ـ لا نفهم جيداً لغة الحوار ولا مفهوم الاختلاف في الرأي المنطلق من رؤية الرأي والرأي الآخر.
ـ هذا كله نتاج تربية ومجتمع إذ تربى (معظم) العرب على هذه الأفكار التي جعلتهم حساسين للغاية في أي حوار ثنائي ينتهي في النهاية بالقطيعة والخصومة.
ـ من تابع الانتخابات الأمريكية منذ بدايتها يعتقد أن المتسابقين نحو البيت الأبيض (هيلاري كلينتون ودونالد ترامب) سيقتل أحدهما الآخر بمجرد انتهاء السباق الانتخابي وفوز أحدهما.
ـ وبمجرد انتهاء الانتخابات وإعلان فوز (الجمهوري) دونالد ترامب برئاسة الولايات المتحدة الأمريكية كانت منافسته (هيلاري) أول المهنئين له بل قالت له بالحرف الواحد (أنا وكل فريق عملي تحت تصرفك لخدمة الولايات المتحدة).
ـ لأنهما أصلاً كانا يتسابقان من أجل مصلحة وخدمة الولايات المتحدة.
ـ هذا هو مفهوم (الاختلاف) الإيجابي الذي نبحث عنه وليس (الخلاف) السلبي الذي يسود معظم حواراتنا.
ـ علينا أن نغرس في نفوس أطفالنا من خلال المنزل والمدرسة أساسيات الحوار والاختلاف في الرأي حتى نبني مجتمعات قادمة أكثر وعياً وفهماً واستيعاباً لحرية الرأي والحوار المبني على الاختلاف والاحترام.
ـ عندما نقول إن هناك نصف كوب مملوء وآخر فارغ، نكون وضعناهما بذات النسبة (50%) رغم أنني بطبيعتي متفائل وأقول إن هناك 75% مملوء والبقية فارغ ونحاول ملء الفارغ وهذا لا يحدث سوى بحوار راق مبني على احترام الرأي الآخر وفهم حقيقي لمفهوم النقد.
ـ النقد ليس عداوة بقدر ما هو تقويم لأخطاء وسعي لإصلاحها.
ـ لو فهم المجتمع ذلك لتقلصت سلبياته....لم أقل تنتهي لأنه من الصعب إن لم يكن من المستحيل أن نجد شخصاً أو مجتمعاً في هذا الكون خال من السلبيات....المهم تقليصها.