|


مساعد العبدلي
التعصب يا معالي الوزير
2015-05-11
أبداً حديثي بتأكيدي أنني ضد تكميم الأفواه وحرية الرأي لكنني في الوقت ذاته أقف (وبقوة) مع الرقابة (الذاتية) وإن لم تحضر فمع الرقابة (الرسمية).
ـ إذا لم يستطع المتحدثون أو حتى المحاورون أو الكتّاب أن يتحلوا بالرقابة الذاتية فهنا يأتي دور الرقيب الرسمي ليضبط الأمور ويضمن أن الرأي المطروح لا يخرج عن أدب الحوار أو المصلحة العامة أو لا يؤثر على علاقات الأشخاص أو المؤسسات أو حتى الدول.
ـ الموقف الإيجابي لوزير الثقافة والإعلام جاء بعد أن خرج البعض عن المسار الأدبي ولا أريد هنا أن أدخل في النوايا لكن في تصوري لو أن الخروج لم يكن يتعلق بطرح (سياسي) وعلاقات دول لما كان هذا الموقف الفوري القوي والإيجابي جداً من وزير الثقافة والإعلام. وفي كل الأحوال فإن معالي الوزير يستحق الشكر على تدخله السريع وهو ما نأمله في مواقف أخرى في مجالات متعددة خلاف السياسة يكثر فيها الخروج عن النص وتحديداً في مجال الرياضة.
ـ قد أكون قسوت على معالي الوزير، بل وربما أسأت الظن فيه (عندما توقعت أنه تدخل فقط لأن الطرح سياسي)، لكن هذا من تجارب سابقة لوزراء سابقين شاهدوا وسمعوا التعصب والخروج عن المسار الأدبي في مجالات عدة لكنهم لم يتخذوا أي موقف إيجابي للتعديل.
ـ دعونا اليوم نحسن الظن ونتعشم الأمل في معالي الوزير (الجديد) ونأمل أن يكون بالفعل يحمل توجهاً فكرياً إيجابياً يهدف إلى وضع حد للخروج الأدبي في كل المجالات ليس في الرياضة فحسب.
ـ أجدد القول إنني هنا لا أطالب الوزير بتكميم الأفواه ولا مصادرة الآراء لكنني أناشده (وهو ابن الوسط الإعلامي) أن يكون أكثر قرباً سواء بشخصه أو بمستشارين يثق فيهم جيداً لمتابعة ما يطرح في وسائل الإعلام المختلفة ويسعى جاهداً لتصحيح المسار بعد أن بات التعصب (للرأي) هو عنوان الكثير من الأطروحات الفردية أو الحوارات الجماعية.
ـ الوزارة تحمل مسمى (الثقافة والإعلام)؛ أي أن الثقافة يجب أن تسبق الإعلام ومن المفترض أن لا مكان في الوسط الإعلامي لمن لا يتمتع (بأقل) قدر من الثقافة التي أرى أن التمتع بأدب الحوار واحترام الرأي الآخر يعد جزءاً رئيساً منها.
ـ بين الإثارة والخروج عن النص وأدب الحوار شعرة رفيعة لا يشعر بها سوى من يعلم جيداً معنى الأدب ومفهوم الثقافة؛ فكلما تحليت بالأدب كنت قادراً على محاورة الآخرين، وكلما كنت مثقفاً كنت قادراً على إيصال رسالتك للآخرين.
ـ أما فقدانك للأدب والثقافة فيعني عجزك التام عن محاورة الآخرين أو حتى إيصال رسالتك للمجتمع.
ـ الشعرة الرفيعة بين أدب الحوار والخروج عن النص هي (الرقابة الذاتية) التي على صاحب الرأي أن يتمتع فيها وإن لم يفعل فعلينا أن ننتظر تدخل الرقيب لإصلاح المسار أولاً (بشكل ودي) وإن لم ينصلح فالعقوبة وحدها هي التي تحسم الأمور ليعديها للمسار الصحيح.
ـ للمرة الأخيرة أقول لا نريد تكميماً للأفواه يا معالي الوزير لكننا يا زملاء الحرف نريد أن نتحلى بالرقابة الذاتية لنواصل العيش في مساحة من الحرية لا يتمتع بها سوى الإعلام الرياضي ويحسدنا عليها الآخرون.
ـ لا تمنحوا الآخرين (بمن فيهم معالي الوزير) فرصة حرماننا من هذه المساحة الواسعة من الحرية؛ فخروجنا عن النص وغياب الرقابة الذاتية هو من يمنح الآخرين (بمن فيهم معالي الوزير) فرصة التدخل.. فهل نمنحها لهم؟
ـ أما معالي الوزير فأقول له بصريح العبارة: إذا غابت الرقابة الذاتية، وغاب أدب الحوار، وشحت الثقافة، وخرج البعض عن النصح فحينها لا نلومك (بل نطالبك) بالتدخل لمنع التعصب وإيقاف الخروج عن النص.