مشكلتنا كعرب أننا عاطفيون بشكل مبالغ فيه.. نبالغ في الأفراح والأحزان.. نتجاوز المنطق والعقل في المديح والانتقاد..
ـ هذه العاطفة تتسبب في كثير من الأحيان في أن نخسر كفاءات في كل المواقع أو أن الكفاءات ذاتها (تندفع) ولا تحسب الأمور جيداً فتجد نفسها غير قادرة على الاستمرار في مواقعها..
ـ سأكون أكثر وضوحاً وتحديداً.. أتحدث على سبيل المثال عن رؤساء الأندية السعودية وكيف أن العاطفة تؤثر فيهم وعليهم إيجاباً وسلباً..
ـ جماهير النادي بعاطفتها العربية الجياشة تطالب بتلك الشخصية رئيساً للنادي ووسط الضغوط الشرفية والجماهيرية تقبل الشخصية بالمنصب وتدير الأمور بكل إيجابية ويساهم ذلك الرئيس في تحقيق منجزات متعددة وربما غير مسبوقة..
ـ ومع تحقيق الإنجازات (تتفجر) عواطف الجماهير وتضع ذلك الرئيس في منزلة لا أعتقد أنه حلم بها ذات يوم لدرجة أن الجماهير لا تقبل المساس بذلك الرئيس بل قد لا ترى له عيوباً طالما أنه يحقق الإنجازات..
ـ ومع تعدد الإنجازات (قد) يصاب ذلك الرئيس بشيء من (حب الذات) نتيجة الشعبية الجماهيرية الجارفة وتبدأ السلبيات تظهر ما يجعل الجماهير (بطبيعتها) العربية العاطفية تبدأ في مهاجمة ذلك الرئيس ليتحول من نجم الأمس المحبوب المطلوب إلى (مكروه) اليوم المطالب بالرحيل والابتعاد..
ـ شخصيات محدودة جداً من رؤساء الأندية السعودية الذين تعاملوا مع كرسي الرئاسة و(عاطفة) الجمهور رحلوا في التوقيت المناسب ولعلني أذكر هنا (على سبيل المثال فقط) الأمير فيصل بن عبدالرحمن رئيس نادي النصر والأمير محمد بن فيصل رئيس نادي الهلال حيث أنهما قررا بطوعهما الرحيل رغم المطالبات ببقائهما واستمرارهما..
ـ التوقيت المناسب للرحيل بل والإصرار عليه يجعل تلك الشخصية (أياً كانت) في محل الإعجاب والذاكرة الطيبة بينما العكس صحيح فمن يحقق الإنجازات ويتمسك بكرسي الرئاسة سيجد نفسه ذات يوم تحت مفهوم (العاطفة) الجماهيرية مطالباً بالرحيل ولن تبقى في ذاكرة الجماهير إنجازات ذلك الرئيس مهما بلغت لأن ساعات الألم والحزن تمسح (وبكل أسف) في لحظات عاطفية كل ساعات الفرح والإنجاز..
ـ كثيرون قد يقرأون المقالة بتركيز محدد.. شخصياً لا أتحدث عن أسماء بعينها بقدر ما أتحدث عن فكر توقيت التخلي عن المناصب بشكل عام..
ـ نحن في العالم العربي لا نعرف كيف نترك مواقعنا القيادية بكل أسف أننا ندفع الجماهير لكي تبعدنا عن كراسي القيادة بالقذف سواء بما تحمله الأيدي أو مقذوفات اللسان..
ـ علينا أن نتعلم كيف نخدم من مواقع القيادة لفترات كافية ثم نرحل تاركين انطباعاً جميلاً في ذاكرة الجماهير.