نعم كان لاعبو النصر كالخشب المسندة لا أكثر في ليلة تتويج الهلال، حيث استقبلت الشباك النصراوية أهدافًا خمسة بالرأفة، وكان من الممكن أن تزيد الغلة، ولا أقول تتضاعف، حتى لا أكون مبالغًا، وإن قلتها مجازًا ففيها مدلول على حال النصر الذي كان في وضع أكثر من "يرثى له" بكثير؛ فكان فريقًا بلا روح ولا طموح ولا حتى رغبة في تسجيل الحضور إكرامًا للجماهير، أو حتى للشعار العريق الذي يرتديه اللاعبون، والذي لم يستشعر به أحد ليلة الخميس؛ فحلت الكارثة التاريخية.
إن النصر مع كارتيرون أشبه بفريق حواري لا تعرف له هوية، ولا تلمس له أي بصمة فنية، لفرنسي يتقاضى الملايين دونما يقدم ما يذكر، وحتى عندما أراد أن يزج بالشباب أخطأ التوقيت والتقدير؛ لذلك حري بإدارة النصر أن تفسخ عقده كقرار أخير قبل قرار استقالتها؛ فنحن نقر بأن الأمير فيصل بن تركي هو صانع أمجاد النصر الحديث، ولكن الشيء بالشيء يذكر، فهو أيضًا يتحمل المسؤولية الأولى وراء انهيار النصر، بفضل قرارات سابقة خاطئة، تجلت فيها الأنا عندما سرح رجالاً كانوا مخلصين للنصر، وإن لم يكونوا مخلصين لرئيسه، كما أنه كان وراء رحيل زوران الذي قدم بصيصاً من الأمل في عودة العالمي، ناهيك عن عدم صرف مستحقات اللاعبين لقرابة موسم كامل؛ فأي إخلاص وأي تفانٍ ننشد بعد ذلك؟.
وعلى النقيض، فقد كان الهلال في أوج مجده وعطائه، بفضل إدارة واعية وراقية في تعاملها، اتخذت القرار الجريء والمصيري، والذي كان بمثابة التحول في مسيرة الزعيم، عندما تعاقدت مع الخبير ريمون دياز الذي نجح باقتدار في إعادة برمجة الزعيم صوب منصات التتويج، بدءًا بالدوري والقادم الكأس الآسيوية؛ فالهلال مع احترامي لكل الآراء لم يكن مؤهلاً فنيًّا أكثر من الوقت الراهن لنيل هذا اللقب؛ فالإدراة تعمل باحترافية عالية، والمدرب أثبت أنه صاحب قدرات عالية، والنجوم في كل خطوط الفريق بدءاً بالحراسة ومرورًا بالدفاع، أما الوسط حدث ولا حرج، وفيما إذا تم استبدال ليو فسيكون الفريق أكثر فاعلية في خط المقدمة، ويكفي أن أشير إلى أن دكة البدلاء تأسر الخيبري والشلهوب والقحطاني.
ولعل لغة الأرقام أصدق من يجسد تفوق الهلال مع دياز وتحت قيادة نواف؛ فالفريق حقق 66 نقطة ليكسر الرقم السابق ويبتعد عن أقرب منافسيه بـ 11 نقطة، وسجل مهاجموه 63 هدفًا، أي بمعدل 2.42 هدف في كل مباراة، وهو رقم كبير جدًّا، في حين استقبلت شباكه فقط 16 هدفًا بما يعادل 0.61 طوال الدوري.
إنني في ظل هذه الأرقام المتميزة، لا أملك إلا أن أبارك للهلال والهلاليين الفوز العريض على النصر، في ليلة احتفالية زرقاء في كل جنباتها، حيث حضر فيها الزعيم بثوب البطل الهمام، وحضر أيضًا خربين بشكل لافت، وأبرز الحضور بلا شك الجمهور، بعد طول غياب، ليحتفل بمنجز غالٍ، أجزم بأنه لن يكون الأخير.
أحد والفيحاء.. "مرحبا ألف"
من الأعماق، أبارك لفريقي أحد والفيحاء على التأهل إلى دوري جميل، بعد مشوار طويل تكلل بعودة أحد طيبة الطيبة إلى مكانه الطبيعي بين الكبار، بزخمه التاريخي وبجماهيره العريضة، التي بلا شك كانت أحد أهم عوامل عودة أحد إلى دوري الأضواء، والأمر ذاته ينطبق على فريق الفيحاء الذي قدم نفسه بشكل جيد في هذا الموسم، ولاسيما في الجزء الأخير من الدوري، بينما تفوق أحد في الجزء الأول، عمومًا ألف مبروك لأحد والفيحاء التأهل، ويبقى الأمل في تقديم مستويات مميزة، وحصد ما يكفي من النقاط تاليًا للبقاء.