|


صالح الخليف
لا تقرأ هذا الكتاب
2018-06-19
كلما قرأت كتابًا وأعجبني أحببت الكتابة عنه.. لا شيء أحلى من الكتابة عن ما تحب.. ولا شيء أسوأ من الكتابة عن الكتب.. لقاء أضداد يصعب معه الوقوف على الحياد وفي منتصف الطريق..
في الجامعة كنت أعاني كثيرًا من تلخيص الكتب.. لم تولد الكتب من أجل الاختصار.. الحب لا يختصر..!!

قبل عشرين عامًا تقريبًا قرأت مقالاً للراحل الأديب المصري العملاق عبدالوهاب مطاوع أسكنه الله مع الشهداء والصديقين والأنبياء، تكلم فيه عن كتاب "الخبز الحافي" للروائي المغربي الخطير محمد شكري.. يملك عبدالوهاب مطاوع قدرات مذهلة لتشخيص وتلخيص الواقع والحدث.. كان كاتبًا اجتماعيًّا وإنسانيًّا ليس له شبيه وأشباه.. حينما تحدث عن الكتاب المغربي، تناوله من خلال رؤيته المصدومة عن حياة شكري، وكيف تجرأ على نقل تلك الوقائع المثيرة والجريئة..

عقب المقال بأشهر قرأت الكتاب الذي ترجم لعشرين لغة؛ فأيقنت أن عبدالوهاب مطاوع أخفق كثيرًا ولم يستطع إيصال حقيقة الرواية أو شيء منها لما يمكن قراءته ومعرفته.. بعدها عرفت أن الكتابة عن الكتب مثل الحديث عن طعم التفاحة أمام رجل عاش في الصحراء طوال عمره ولم يتذوق أي نوع من الفاكهة أبدًا..

ركز مطاوع على الجانب الإنساني في الرواية وتغافل وتغاضى وتجاهل جوانب كثيرة.. أوصلني إلى قناعة ترسخت مع الأيام تؤكد أن الكتابة عن الكتب إنما هي مهمة ناقصة والمهمات الناقصة تبدو كالرقص بلا موسيقى..

كتبت عن بعض الكتب التي طالعتها وقرأتها، ووجدت أن ما قلته لا يصلح للنشر.. لكنني نشرت والغريب أنني لم أندم.. ربما هو شيء من العزة التي تؤخذ بالإثم.. غفر الله لنا جميع آثامنا وذنوبنا..

الكتابة عن الكتب لا تستقيم كما أظن وأعتقد سوى في نطاق القول: "اقرأ هذا الكتاب فقد أعجبني".. أو العكس تمامًا، وهذا بالطبع يتوقف فقط على إيمانك المطلق بآرائي ومزاجي وذائقتي.. أما غير ذلك فلا يحق لي أن أكتب عن كتاب.. هذا كما أظن وكما أعتقد مرة ثانية، إنما هو محاولة يائسة وناقصة لإكمال المكتمل..!!

لدي قائمة بكتب كثيرة أنصحكم بمطالعتها.. ولدي قائمة مثلها بكتب تصلح للزينة على الأرفف أو على طاولات الحلاقين..

وأخيرًا أقول لك ليس من حقك أن تسمع كلامي.. وليس من حقي أن أملي عليك ما أحب وما أكره.. حتى لا أقع في السؤال عن طعم التفاح.. فالكتب يا صاحبي تشبه المدن.. حبها وكراهيتها تعتمد على المزاج.. والليلة الأولى..!!