|


صالح الخليف
أغلقوا شارع التحلية
2018-07-08
الرياض مدينة ضخمة وكبيرة وعملاقة، ومساحتها توازي دولاً بأسرها، ويسكنها ملايين البشر، وتطويرها مستمر على مدار السنوات وعلى مدار الساعات.. ولا ينقصها شيء مما تحتضنه بقية عواصم أهم دول العالم سوى ما تحكمه الفوارق المناخية والتاريخية والاجتماعية، أما غير ذلك فهي تنعم بكل متطلبات الراحة والرفاهية والاستجمام..
وقبل ثمان سنوات تقريباً، وفي نفس هذا المكان تحدثت عن شارع التحلية الواقع في قلب الرياض، وأجدني مضطراً لأعود بنفس الكلام ونفس الفكرة ونفس الأمل.. وما أضيق العيش لولا فسحة الأمل.. يمكن للشارع أن يكون قبلة لكل زوار العاصمة السعودية لو تخلص من عبور السيارات في مساراته ويخصص للمارة والمشاة فقط بالتجول على أرصفته.. أعتقد أن هذا الشارع الوحيد القادر ليمثل دور "الداون تاون" في الرياض.. لا يمكنك زيارة مدينة أوروبية أو أمريكية أو إقليمية دون البحث عن شارعها الرئيسي الذي يجتذب السياح والقادمين من خارج أجوائها.. بإغلاق منافذ التحلية واستغلال مساحة طريق السيارات ليكون موقعاً ممتداً للمطاعم والمقاهي والأكشاك الصغيرة، مع إمكانية سداد الجهة العلوية بأسقف مناسبة لهذا الغرض يصبح الشارع أشبه بمجمع تجاري طويل يحتضن إبداع الرسامين والنحاتين وكل المواهب التي تبحث عن منصة تقدم فيها نفسها.. إغلاق شارع التحلية وإبعاده عن ضجيج السيارات، واقتصار التنقل بين أطرافه بعربات الجولف أظنه سيجعل منه وجهاً ومركزاً ثقافياً وتجارياً وحضارياً لا يمكن أن تحط أرجل القادمين من خارج الرياض دون المرور عليه.. هذه باريس مثلاً التي تعد جميلة جميلات المدائن والأماكن المأهولة ببني آدم طوال التاريخ لا يمكن أبداً أن تذكرها وتصفها وتقول فيها الأقاويل وتنسى الشانزلزيه.. إنه شارع ليس إلا.. أعرف تماماً أنني أتحدث خارج تخصصي ومهنتي ومهمتي تماماً، لكن الزمن أتاح لي الفرصة للسير على شوارع لا تتخيل مدنها بدونها.. عشرات البلدات الساكنة على بساط هذه الكرة الأرضية ليس فيها ما يستحق الذكر والتذكر أكثر من شارع عامر بالحياة والناس العابرين.. شارع التحلية يمكنه أن يكون معلم الرياض الأول.. فقط يحتاج إلى إغلاق أولاً ثم إكمال المشوار.. إنها مجرد رؤية صغيرة لشارع عملاق.. أغلقوا التحلية وأظن الرياض ستحلو أكثر.