|


صالح الخليف
حينما احتفلت زغرب
2018-07-17
احتلت مظاهر الفرح والفخر والأنفة كل أرجاء وأجواء فرنسا.. تزعموا الكرة الأرضية كروياً وهذا يستحق كل ذلك الصخب الهادر.. بالطبع الشغب والعنف والخروج عن المألوف والخروج عن القانون ما هي إلا تصرفات غوغائية لا تُقبل في أفراح أو أحزان..
المترو علق النجمة الثانية في ممراته وسمّى إحدى محطاته على المدرب ديشان الذي سار بطريق البرازيلي زاجالو والألماني بكنباور وحقق المونديال لاعباً ومدرباً.. وهذه رمزية بطولية لم يفعلها طوال التاريخ سوى هؤلاء الثلاثة.. وبالطبع الباب سيظل مفتوحاً للاعبين كثر تقلدوا الذهب العالمي كلاعبين أن يفعلوا الشيء ذاته إذا دارت الأيام وتولوا مهمات تدريبية ثم توجوا باللقب.. وما أسهل ما تدور الأيام.. في البلد الخاسر كرواتيا والتي ما كان أحد يضعها ظناً أو رهاناً أو قراءة أو تحدياً كطرف ثان في ختام المنافسة الكروية الأهم، تكرر ذات المشهد الفرائحي.. خرجت العاصمة زغرب عن بكرة أبيها تزف اللاعبين القادمين بالفضة.. الذي لا يعرف ماذا جرى في روسيا وشاهد تلك الصور المتصبغة بقمصان الشطرنج في كل الميادين والمزدحمة بالناس المحتفلة لن يدور في باله وخلده وخياله لحظة واحدة أن هؤلاء الناس خرجوا لتقديم التحية لفريق خاسر.. هنا يعود ذات الجدل وذات الموال إياه حول الخسارة بشرف في عقيدة كرة القدم.. تلقت كرواتيا رباعية موجعة في النهائي الروسي على يد الفرنسيين، وتحطم الحلم الكبير الذي كان قاب قوسين أو أدنى من أن يصبح واقعاً على أرض الحقيقة.. وربما لا تعود هذه الخطوة سريعاً أو تحتاج لمئة عام أخرى.. الله أعلم.. ما يهمنا هو الخسارة بكل أدوات وأشكال وأنواع الشرف.. لو لم يرَ الكرواتيون أن منتخب بلادهم خسر بشرف لما احتفوا به كالعرسان الجدد والأبطال الفاتحين.. دموع وابتسامات وأغنيات ورقص وسهر.. هذا ما فعله الكروات، والسبب الإيمان أن منتخب بلادهم أبلى بلاءً كبيراً، وصنع المعجزة، ودمر بقايا المستحيل، ولا يصح أن يغض الطرف عنه أو عدم القول له شكراً.. ربما هذه التهنئة تعيده وتحفزه وتداوي جراحه ليتأهب مرة أخرى ويولد من جديد.. فكرة القدم مثل الحياة لا تتوقف عند خسارة مباراة أو فقدان لقب.
خسر المنتخب الكرواتي واحتفل الناس.. لماذا فعلوا هذا؟.. لأنهم فقط لديهم ثقة كاملة بأن المكافأة والشكر والعرفان والتهنئة ليست من حق الفائزين دائماً.. أحياناً يكون الخاسر أحق بالفوز والكأس والتهنئة، لكن الظروف قالت غير ذلك.. هذا هو الشرف الذي تحدث به الكروات ذلك اليوم!.