|


أحمد الحامد
وأدوّر عاللي بايعني
2018-08-11
من أقسى تصرفات الإنسان ضد نفسه، هو عدم اهتمامه بالذين يحبونه ويهتمون برضاه، فيبتعد عنهم ويقضي السنين من حياته في التجارب مع آخرين، وغالباً ما تنتهي تجاربه على لا شيء.

الإنسان يحتاج دائماً إلى "فطنة" وإلى أوقات تفكير وتقييم لما حوله، المحظوظ والنبيه هو من يكتشف أصحاب الود الصافي منذ البدايات ويكتفي بهم وبنصحهم، أولئك المعطاؤون كلاماً وفعلاً والأكثر صفاءً، العطاء هنا ليس المال.. المال جزء صغير أمام الذين يمنحونك السعادة والشعور بالرضا، وحتى يستطيع الإنسان معرفة محبيه، عليه أن ينتبه لوجودهم ويعطيهم قيمتهم الحقيقية ويعمل على المحافظة عليهم بطيب أخلاقه وأفعاله وطول صبره.

لمحمد عبد الوهاب أغنية جميلة قدمها للجمهور عام 1957، وهي من كلمات حسين السيد وألحان عبد الوهاب ويقول مطلعها:
بفكر في اللي ناسيني
وبنسى اللي فاكرني
وبهرب من اللي شاريني
وأدوّر عاللي بايعني.
سمعت أن عبد الوهاب هو من كتب مطلع الأغنية، وأكمل القصيدة حسين السيد.. لا أعلم حقيقة هذه المعلومة، لكنها إن كانت حقيقية فيبدو أن عبد الوهاب عانى مما عاناه فعبر بما كتب، القصد أن معنى الكلمات ينطبق على الذين أدمنوا التعب ورافقوا الشقاء، ولا أعلم إن كان هذا من سوء حظ الإنسان أم من سوء تصرفه؟ سوء التصرف بالإمكان أن يتحسن، لكن المشكلة في من لا يريد أن يفعل ذلك.. أو لم ينتبه أو لم يصدق لغاية الآن بأنه يهرب من اللي شاريه ويدور عاللي بايعه.

بعض الناس بعد أن يصلوا إلى عمر معين ينطوون على أنفسهم ويصبحون "بيتوتيين"؛ ليس لأنهم لا يحبون أن يكون لديهم أصدقاء، بل لأنهم تعبوا من "الدوشة" التي وضعوا أنفسهم بداخلها سنين طويلة، وبعضهم عادوا للذين "شارينهم"، وهم عادة قلة بعد أن اكتشفوا ذلك بتجاربهم وحسناً فعلوا بعودتهم.

بعض الرجال بعد مدة من الزمن يجد في بيته وزوجته وأولاده مملكته الرائعة التي لا يعادلها شيء آخر في هذه الحياة.

الحاجة إلى التفكير والتقييم مسألة مهمة في حياة الإنسان، حتى لا تمضي الأيام من دون قيمة، وحتى لا يضيع العمر.