|


صالح الخليف
ليتك تكره الأحمر
2018-08-13
الألوان كما يقولون علم مستقل بذاته.. والعلم نور على أية حال.. والدارسون في كليات الفنون الجميلة يقضون وقتاً طويلاً في آلية التعامل مع الألوان وأسرارها ومواضع استخدامها..
وكثيراً ما كنت أقرأ في الحوارات الصحفية ذاك السؤال الأبله الذي يتردد على مسامع الضيوف حول اللون المفضل.. وبالطبع كان اعتراض الداخلي وشجبي واستنكاري لهذا السؤال بتلك الصيغة، يعود إلى أن الإنسان لا يمكن أبدًا أن يكون له لون مفضل حتى وإن كان شعبان عبدالرحيم.. فمثلاً ربما يكون الأسود أو البني لوناً لحذائك المناسب "أكرمكم الله".. ربما يكون الأزرق هو الخيار الدائم لساعتك أو نظارتك أو محفظتك وهكذا مع كل الألوان.. ذاك الانحياز والجمود وراء لون واحد ليس على ما أعتقد من طبائع البشر الأسوياء.. اللون الذي لا أحبه ولا أطيقه هو الأحمر.. قبل سنوات طالعت دراسة تقول إن الأندية التي ترتدي القمصان الحمراء هي الأكثر جماهيرية حول العالم، واستندت تلك الدراسة على شعبية مانشستر يونايتد وليفربول وبايرن ميونيخ، ولدي يقين راسخ بأن تلك الدراسات التي تجريها وتنشرها الجامعات ومراكز الأبحاث لا تعدو كونها مجرد استفتاءات عشوائية، ليس بالضرورة أبداً توافقها وتطابقها مع الواقع المعاش في حياة الناس.. فالتشجيع الكروي لا يرتبط بأمزجة الألوان أو جاذبيتها وتركيبتها، وإلا لما كان لبرشلونة وريال مدريد الإسبانيين أي مناصرين خارج حدود دولتهما الأوروبية، بينما يغرقانهما المحبون والمؤيدون والمتعصبون حول العالم بكل أنواع وأشكال المتابعة والمناصرة والعشق الكبير، رغم أنهما لا يرتديان اللون الأحمر.. إذا كان هناك حزب أو تشكيل وفرقة أو مجموعة تتكون من كارهي ومعارضي ومناهضي اللون الأحمر؛ فإنني سأسجل اسمي وعنواني بينهم وأتمنى أن يتحول السؤال في الصحافة من اللون المفضل لديك إلى السؤال عن اللون الذي تكرهه ولا تطيقه، وكلما سمعت وقرأت أن أحداً قد اختار اللون الأحمر البغيض، فإنني سأحبه وأحترمه وأقدره؛ لأن مزاجه توافق مع مزاجي.. وهذا من أقل حقوقي!!