|


فهد بن علي
النصر كقيمة اجتماعية
2018-08-29
الفارس الأزرق الملوّح بالشمس، أو أصفر الرمال الراكضة فوقها خيول زرقاء، الجدير بنزعتنا الشديدة نحوه، نادي النصر السعودي.
إن قبله كرتنا بأنديتها المحلّية لم تكن مُطأطأة لكنها بسببه استقامت بعد عالميته، ركض رجاله في البرازيل أمام عيون مختلفة مترامية البلدان على سطح الكرة الأرضية، سجلّوا بريال مدريد حيث زيدان وفيجو وراؤول وكاسياس مرّوا من هناك كل أولئك الكبار، حيث عشر كؤوس دوري أبطال أوروبا، في مهد كرة القدم يستريح الذهب فوق خزانة ما في سانتياجو بيرنابيو. لقد كان النصر له نداً، والذي لشدّة بأسه صاراً عالمياً، كأنه الآن بموسى وأمرابط يؤكد على أحقّيته أن يكون نداً من جديد.
لست نزّاعاً مؤخراً لكرة القدم ولا للكتابة عنها، لكن الحراك الرياضي اللافت، والحاصل بدعم مالي مهول، كأن هيئة الرياضة تطلب من الأندية أن تكون بحجم يليق بها وبلمعان يرضيها، فكان من المألوف والطبيعي أن يكون الأكثر بريقاً هو أول ناد عالمي من آسيا.
وإنني بالمناسبة ضد من يعلن أنه يشجّع النصر، إننا لا نشجع النصر لأن النصر شجاع لوحده، نحن نحبه فقط. أكتب عنه ولا أظن أنني تحديداً أعني كرة القدم وحسب، ذاك الأصفر خلق له قيمة اجتماعية غرائبية، أكثر اتساعاً من شباب يلعبون رياضة ما، إنه يغيب عن البطولات وتنعدم مؤقتاً صرخة نشوة الفرح، استراح طويلاً لأنه نسي أنه النصر، ولكن الغرابة ظلت الجماهير تزداد هطولاً عليه، تتحلق فوقه بازدياد، تحاصره عشقاً، تنشده بلا كلل وتسأله اليقظة وذكرى البرازيل وأهداف ماجد ومراوغات الهريفي، إنه كقيمة اجتماعية تشبه قبيلة جمالية يتعاضد أفرادها ويحقن الكبار قلوب صغارهم بألوان ناديهم، فهو نداءهم لأن يظلّوا متوهجّين بالأيام، ولسببه يتوشّحون جميعاً بعدها الشمس عنفوانًا والسماء عشقاً. هذا النادي الذين بمثابة بوابة رئيسية من بوابات مدينة الرياض وقبلة المهووسين بالرياضة، يُعد ملمحاً من ملامح الحياة العامة، فهو حالما يلعب نزالاته، يعود الاتزان على جنبات الحياة، تتموضع الأشياء في مكانها المناسب، ويظل يشكل اسمه فرقاً دائماً بالأذهان.
ثم بعيداً عن كون النصر أغنية الفرح المنشودة للكثير، أرى دراسته اجتماعياً بتكوينه اللامع، كونه ظاهرة، ولا أعدّها مبالغة أن يحاولوا تفسير سبب بريقه، ولمَ أصبح النصر نصيب لياليهم الأوفر؟
وهل لنا أن نحلم بمطرب وشاعر ومؤسسات فنية استثنائية مثلما كان هذا النادي الرياضي استثناءً ملحوظاً وواضحاً؟.. ثم عند عتبة الانتهاء من هذا السرد، يومكم أصفر.