|


فهد عافت
القراءة السريعة!
2018-09-17
ـ خطأً كان ذلك أم صوابًا، المهم أنني لم أُعِر ذلك الأمر انتباهًا، كما لا يبدو أنني سأفعل!. كل كتاب، أو حتى موضوع، يتحدث عن "القراءة السريعة" ينال حكمًا سريعًا لديّ، ودون النظر إلى ملفات أو معطيات، حكمًا بالفشل واللاجدوى!.
ـ أزعم أنني قارئ جيّد، أقضي مع الكتب أطيب أوقاتي، ومن خلالها أتحرر!. لدي خبرة من الطيش أحبّها وتحبني ويحب ناقتها بعيري!.
ـ الأسلوب، أسلوب الكاتب، هو الذي يقودني إلى طبيعة القراءة، وحركتها في الزمن!. الجُمْلَة، النّفَس الكتابي في العبارة، هو سيّد الموقف، أعني سيّد الحركة!.
ـ لا يمكن لي قراءة تولستوي دون تمهّل يقظ، مثلما لا يمكنني قراءة كونديرا دون عَجَلَة طفولية مسرورة بملاحقة الفراشات الملوّنة!.
ـ عبارة الجاحظ لن تكون باللذة نفسها فيما لو قُرِأت بالسرعة التي هي في قلب عبارة "أبو حيّان التوحيدي"، دون أن يكون لهذه السرعة أو لذلك البطء، أي استهانة أو تفضيل لأحدٍ على أحد بالضرورة!.
ـ أحيانًا، للكاتب الواحد، زمنان مختلفان في كتابين!. قراءة أمين معلوف في "الحروب الصليبية" تجبرك على سرعة لاهثة، روايته "التائهون" تفعل العكس!.
ـ لو لم تكن "الجبل السحري" لتوماس مان، لتركتها بعد الصفحة 200، على أكثر تقدير!، أكملتها لأنها الرواية التي لا يمكن القول بمعرفتك لتوماس مان ما لم تقرأها!. بعد الصفحة 600 بدأت أتلذذ بكل النعاس السابق!، كان ساحرًا، وأحسست أنه كان يريد حرفيًّا مضايقتي بثقل الوقت!، صفّقت كثيرًا لنجاحه في اللعبة: يُحبّر أكثر من خمس عشرة صفحة لمشهد مريض يسعل، وينكشف السحر الفاتن الخلّاق: كان يريدني كقارئ أن أسهر مع المريض للصباح!، وأن أشعر فعليًا بثقل الوقت وبطء حركته كما يشعر ذلك المريض!.
ـ أفهم مسألة التصفّح. الكتب كثيرة، وتتوالد!. يحلم القارئ بقراءة كل كتب الدنيا، ويدري أن هذا من سابع المستحيلات، لذلك لا بأس، ولا بد من التصفّح، لكن التصفّح ليس قراءة، إنه خطوة أولى للاختيار، لاختيار كتاب ما، ثم تكون مسألة الوقت في قراءة الصفحة بيد الكتاب نفسه، وهذا أجمل ما في الحكاية!.