|


أحمد الحامد⁩
البلبل من زاوية أخرى
2018-09-30
ذات يوم اشتريت بلبلاً جميلاً، استمعت إلى تغريده، كان تغريده متنوعاً بألحان وطبقات صوت مختلفة، كنت سعيداً به، وأحضر أصدقائي للاستماع إلى صوته الساحر.
بعد مدة قصيرة وجدت نفسي أقدم له الأكل وأمضي، حتى جاء ابن جارنا الصغير ومسك البلبل بيده بقوة حتى اختنق ومات البلبل، جاءت أم الطفل معتذرة، قلت لها لا عليك، هذا طفل صغير، في الحقيقة أن البلبل قد مات في قلبي قبل أن يموت على يدي الطفل، منذ ذلك الوقت وأنا أحب الصقر الذي لم أشتره لغاية الآن.
الفرق بين البلبل والصقر أن الصقر يفعل دون أن يقول بينما البلبل لا يفعل ما يقول. أرجو ألا ينزعج محبو البلابل وقد يقولون إن فعل البلبل هو التغريد الجميل الذي لا يستطيع أن يفعله الصقر. وقد أتفق معهم بأن فعل البلبل هو التغريد، هذا صحيح لكنه غير مهم في الوقت الذي لا يوجد به صقر يصطاد للذين يحبون الاستماع إلى تغريد البلبل؛ لأن البلبل لا يصطاد لا لنفسه ولا لهم.
البلابل منظرون، يجلسون داخل قفص صغير في غرفة باردة أثناء الصيف ودافئة أثناء الشتاء، ويطلقون آراءهم وأحكامهم على مستوى الصقور وأدائها. هكذا تمضي حياتهم دون شيء فعلوه ودون إرث تركوه، كل ما قاموا به هو عملية صوتية متكررة سرعان ما تعتاد عليها إلى أن تصل إلى مرحلة عدم الشعور بها.
البلبل كطائر بلبل هو فاصل ترفيهي، والبلبل كتعبير مجازي هو معطل ومؤثر سلبي على الذين في طريقهم للتحول إلى صقور، البلبل لا يصطاد لك ولا يريدك أن تصطاد، البلبل يريد أن يقضي على وقتك وعليك، البلبل لا ينصحك ولا يستمع إلى نصائحك، يرى أنه الأفضل دون أن يشير إلى فعل من أفعاله، البلبل صوت في الهواء لا أثر على الأرض، البلبل يرى أنه الأفضل لأنه يستطيع أن يغرد، هو يرى نفسه أفضل من الصقر إذا ما قرر يوماً أن يخرج من قفصه ليصطاد، لكنه لا يخرج ولن يخرج لأنه لا يستطيع الصيد. البلبل يحيط يحرص على وجود الكسالى ويسعد إذا ما تعثرت الصقور، حينها يغرد ألم أقل لكم! البلبل في مكانه ينظر إلى الصقور في السماء، لا ينظر إلى صيد الصقر، بل إلى لونه، يغرد بذلك عن جمال ألوان البلابل، لكنه يبقى مستيقظاً ومنتظراً ما يجود به عليه الصقر، حتى يأكل، وحتى لا يموت جوعاً، وحتى يغرد.