|


أحمد الحامد⁩
أغنية
2018-11-11
الأغنية عمل فني مثله مثل القصيدة مثل القصة مثل الرواية، القصيدة الرائعة والرواية العظيمة والقصة المدهشة يكتبها مبدعون، الأغنية قد يؤديها من لا يعرف أن يكتب سطراً واحداً. غير مهم، المهم أن يعرف بأنه يقدم عبر صوته عملاً فنياً.
المهم أن يعرف بأنه داخل إطار فني، المهم أن يكون مسؤولاً عن صوته، أن يراعي على أقل تقدير حدود الأخلاق والأدب. في الماضي وما زال يحرص الناشر على أن ينشر محتوى أدبياً مميزاً، لا يوفق دائماً، لا مانع من ذلك.. المسألة تبقى أذواقاً وآراءً، لكنها دائماً بأخلاق.
الأغنية اليوم لا تحتاج إلى ناشر. اليوتيوب مجاني، والمجانية لا تعني ألا تكون الأغنية ذات قيمة، ألا تكون محترمة فنياً، كلما استمعت إلى أغنية ذات مضمون مكرر، لا إبداع فيها، كنت أقول.. يلا هذا رزق المزيكاتية، الذين عزفوا الموسيقى وأخذوا أجورهم، ما المانع أن يعزف المزيكاتية عملاً جميلاً، ويستلموا أجورهم ونستلم نحن عملاً يحترم وقتنا، يحترمنا، الضوء لا يعني الشهرة، الشهرة تأتي من أي فعل غير معتاد، قد يكون عملاً فنياً رائعاً، وقد يكون من تصرف مخزٍ. عشقت بلداناً لم أزرها، أحببتها بسبب أغنيه، لم أزر اليونان يوماً، لكنني أحبه بسبب موسيقاه، الأغنية بحجم رسالة دكتوراه في وصف جمال معين، من الإحباط أن تقدم بمستوى مرحلة ابتدائية، لا عذر لكل فنان لا يقدم اليوم أغنية ذات قيمة وتجربة تستحق الاستماع ولا تبرير له إلا أنه في مستوى غير صالح، غير صالح للنشر فيما لو كانت الأغنيه تمر عبر الناشر لا عبر اليوتيوب. صناعة الأغنية تحتاج إلى تفكير مثلها مثل أي عمل آخر. تحتاج إلى تركيز ورعاية. تحتاج إلى احترام المتلقي. عملية الزج بالأغنيه وانتظار نجاحها أو فشلها فيها انتهاك صريح للفن.
قد لا تنجح الأغنية جماهيرياً لكن ألا تُحترم فهذه مسألة مخجلة من صنّاعها. كل عمل لصيق بصانعه، يمثله ويشير إليه. بعض المغنيين الشباب معجبون بمحمد عبده لكنهم لا يعرفون سر نجاحه الواضح. القيمة، لا داعي لتقليده، الأغنية تتطور وتختلف، لكنها دائماً تبقى وتنجح بقيمتها. الأغنية الحقيقية عمل فني يؤدي دائماً إلى الالتقاء بوردة جميلة، الألبوم الغنائي "باقة ورد".
لكن تقديم هذه الوردة أو هذه الباقة يحتاج إلى فنان بما تعنيه هذه الكلمة، وللأسباب التي اكتشفت من أجلها ومن أجل استخدامها، فنان كلمة تليق بالذي يحمل صفات الكلمة فقط، ولم تكن مجانية أبداً.