|


أحمد الحامد⁩
حظ
2018-12-09
لقاء قديم أجري في الثمانينيات مع الأديب الكبير نجيب محفوظ ـ رحمه الله ـ، شاهدته أمس على يوتيوب، وقبل أن أتحدث عن اللقاء، أود أن أشكر مؤسس يوتيوب، هذا العبقري الذي سهل وضع مكتبة العالم بين أيدينا، وجعل من المعلومة لا تبعد أكثر من كبسة زر.
هذه نعمة كبرى نعيشها حرمت منها الأجيال السابقة، مؤسس اليوتيوب يستحق الشكر كما نفعل كل صيف عندما نشكر مكتشف التكييف الذي حول طقسنا القاسي والحار إلى أجواء ربيعية نعيشها داخل بيوتنا وسياراتنا وأماكن العمل.
سُئل نجيب محفوظ في هذا اللقاء عن الفرق بين الحظ والقدر، قال إن القدر واقع لا محالة، حظك الجيد هو أن يكون القدر في صالحك والعكس صحيح.
أي أنهما "القدر والحظ"، مرتبطان معًا لا يفترقان، لكن الاختلاف في النتائج، شاهدت قبل فترة برنامجاً وثائقياً عن مجم وعة أشخاص فازوا باليانصيب الأمريكي، كانت جوائز الفوز ملايين الدولارات.
وكان البرنامج يرصد أولئك الذين بدا أن قدرهم قدم لهم الحظ الجيد بالفوز بالملايين، يوضح البرنامج أن بعض الحظوظ لا تكشف عن نفسها سريعاً إن كانت جيدة أو سيئة، حتى إن كانت اللقطة الأولى هي الفوز بالثروة.
ويوضح البرنامج التحول الحاصل في حياة هؤلاء، من حياة مستقرة إلى ثروة لم يعتادوا عليها، وكيف أنهم بمجرد أن تحولوا إلى مليونيرات، تحول معهم أقرباؤهم وأصدقاؤهم إلى ثعابين ناعمة الملمس، كل همهم هو الحصول على أموالهم، تمنى الفائزون لو أنهم لم يربحوا الملايين لأنهم فقدوها وفقدوا معها أسلوب حياتهم وأصدقاءهم، الثروة المفاجئة تحتاج إلى قلب صبور وعقل راجح ونفس هادئة.
قد يتصور بعضهم بأن التعامل مع الثروة المفاجئة أمر هين، لا أتصور ذلك، بعضهم فقدوا توازنهم للأبد، بعض الحظوظ التي تبدو سيئة في الوهلة الأولى كانت أجمل الحظوظ التي حصل عليها أصحابها.
الكثير منا يتذكر بعض الأحداث المزعجة التي حصلت في حياته، لكن نتائجها في النهاية كانت رائعة جداً، بل قد تكون أجمل ما حصل في حياته. الحظ الجيد يحتاج إلى خبير لالتقاطه، وإلى تشكيلة بما يناسبه، إلى صناعته وتكييفه، على أن يساعده القدر في ذلك، حظاً جيداً للجميع.
لا تنسوا أن من أجمل الحظوظ هي تلك التي تجعلك قرب عائلتك وأحبتك، تعطيهم من وقتك وتشعر معهم بالاستقرار الداخلي دون الحاجة إلى الثروة الطائلة.