|


أحمد الحامد⁩
من يرافقك؟
2018-12-17
ذهنك يحدِّد حالتك، هل تساءلت يومًا عن صفاته، هل هو صديق جيد أم مرافق سيئ؟ هل هو من النوع المسيطر أم من الخفيف الوديع؟ يسمِّي بعضهم “الذهن” السيئ بـ “الساحر الأسود”، الذي يرعبك دائمًا، ويضخم الأمور الصغيرة على شكل مشكلات كبيرة، لتغوص بأعماقها سالبةً وقتك وصحتك.
من أفعال الذهن “الساحر الأسود” أنه يُضعف ثقتك في نفسك، ويلغي امتيازاتك، فلا تعد تراها، حتى إنه يجعلك تعتمد على غيرك في أمور بسيطة، لأنك أصبحت ترى أنها كبيرة. أصحاب الذهن الإيجابي، تراهم يمتلكون الثقة الكافية، والإيمان الكامل للعيش بأسلوب سعيد قدر المستطاع. من صفاتهم أنهم “عقليون”، يستخدمون عقلهم “صافي الذهن” قدر المستطاع، ويملكون من الجرأة ما يسمَّى منها بالشجاعة، جلست صدفة مع شخص لا أعرفه، كان في أوائل الأربعينيات من عمره، لاحظت أنه يردِّد كثيرًا: عندما كنت شابًا، بعد أن كبرنا، نحن “الشياب”. سألته إذا ما وصل إلى الستين من عمره فماذا سيسمِّي المرحلة العمرية التي يعيشها الآن؟ لم يُجب عن السؤال، بدأ يفكر، علمت أنني قبضت على “ساحره الأسود”، عرَّفته به، “ذهنه السلبي”، حاولت أن أشرح له أهمية التخلص منه ليرى المساحات الواسعة من حوله. أنا لست طبيبًا نفسيًّا، لكنَّ المثل القائل “اسأل مجربًا ولا تسأل طبيبًا” قد يكون مناسبًا لحالتي. أنا والكثير من الناس مررنا بتجربة “الساحر الأسود”، بعضنا تخلص منه جزئيًّا، وآخرون كليًّا، وما زال هناك مَن يعيش في كنف هذا المحبط دون أن يشعر بذلك.
“سهالات” كلمة يردِّدها الذين يواجهون ظروف الحياة بسهولة. هي مجرد كلمة، لكنَّ الذي يقولها لا شك أنه قبض على ساحره الأسود ووثَّقه، ثم أحرقه. “سهالات” يردِّدها الأشخاص الذين تفاءلوا بالخير، وقدموا الفرج على الضيق، الذين رافقوا ذهنًا متفائلًا و”وسيع صدر”.
أحبتي، أقول لنفسي ولكم: اطردوا الساحر الأسود، انتصروا عليه، وستشعرون بألوان الحياة المنوَّعة، وستستعيدون جمالكم الذي أخفاه عنكم، تأكدوا من حتمية جمالكم، لكن عليكم الشعور به، وإظهاره. هل تعرفون، بعض الشخصيات التي تمتلك علاقات واسعة، وحققت نجاحات حقيقية، قد لا تمتلك شهادات دراسية عليا، أو وسامةً قد تفتح لها أفقًا معينًا، لكنها تمتلك الثقة في نفسها، والإيمان بقدراتها، وطالما أنها تحترم الآخرين، ولا تعتدي على حقوقهم، فكل الطرق مفتوحة أمامها، ولا حاجة إلى أن يقف الخوف في طريقها، لأن الحياة “سَهَالات”.