|


أحمد الحامد⁩
حالة حب
2019-01-05
عندما كان عمره أربعة وعشرين عامًا، كتب جون بول سارتر الفيلسوف الوجودي والروائي الفرنسي، كتب إحدى رسائله التي عبر فيها عن حبه للكاتبة الفرنسية سيمون دي بوفوار ذات الواحد والعشرين عامًا، ما شدني كثيرًا في رسالته الغرامية هو شعوره ووصفه لمرحلة التحول فجأة من حالة الصداقة إلى الحب، سارتر كتب رسالته في ربيع 1929:
"فتاتي الصغيرة العزيزة، لوقت طويل انتظرت أن أكتب لك، في المساء بعد واحدة من تلك النزهات مع الأصدقاء، التي سأصفها عن قريب في هزيمة، ذلك النوع حيث يكون العالم لنا، وقد أردت أن أحضر لك فرحة المنتصر وأضعها تحت قدميك كما فعلوا في عهد ملك الشمس، ولكنني عندما أتعب من الصراخ أذهب دائمًا للنوم، واليوم وأنا أقوم بهذا لأشعر بلذة لا تعرفينها بعد، لذة التحول فجأة من الصداقة للحب، من القوة للرقة، هذه الليلة أحبك بطريقة لم تعرفيها بي بعد، لست متعبًا من السفر، أنا أحترف حبي لك وأحوّله داخلي كجزء متأصل مني، يحدث هذا أكثر بكثير مما أعترف به لك، ولكن نادرًا أكتب إليك، حاولي أن تفهميني، أنا أحبك بينما أنتبه للأشياء الخارجية، أحببتك ببساطة في تولوز، والليلة أحبك كمساء ربيعي، أحبك والنافذة مفتوحة، فأنت لي والأشياء لي، ولكن حبك يعدّل الأشياء حولي، وتعدل الأشياء حولي حبي لكِ"، يشعر المحب بما لا يشعر به كل من يلومه على اندفاعه أو حتى على اختياره؛ لأنه يرى الأشياء كما رآها سارتر في رسالته، يرى كل ما لدى من يحب بصورة تصل إلى الخيالية، ينتبه للتفاصيل الصغيرة ويعشقها، يبالغ دون شعور منه؛ لأن عيونه هي عيون المحب التي تجّمل كل شيء، أحد العشّاق اطّلع على رسائله التي أرسلها لحبيبته في مرحلة شبابه، كان مندهشًا من قوة اندفاعه ومبالغته في الوصف لحسن الحبيبة، وللحالة التي كان يصف نفسه بها، مؤكدًا أن حالة الحب الشديدة تكاد تكون خارجة عن كل حدود المنطق والواقع، وأن المحب لا يشعر بذلك إلا إذا فقد الحالة بكاملها، وهذا ما حدث معه للأسف، حالة الحب هي من أجمل ما قد يمر به الإنسان والقادر على تنمية استمرارها يستطيع أن يحصل على قوة دائمة وسعادة، مواصفاتها لا توجد إلا في الحب.