|


فهد عافت
الرحلة!
2019-02-13
كل الذين وصلوا، لم يصلوا بعد!. حتى الذين ماتوا منهم، ماتوا وهم يُكملون المسير!، ليس فيهم من فكّر بالتوقّف، لا!، كلهم فكّروا فيه، وكثير منهم فكّر بالتوقّف أكثر من مرّةٍ، غير أنّ أحدًا منهم لم يفعل!.
ـ كل الذين وصلوا، حلموا ثم لم يؤجلوا الأمر انتظارًا لاستشارة أو تفاسير!. لم يضيّعوا الوقت ولم يوسّعوا فارق المسافة والزمن بين الحلم والعمل!.
ـ توغّلوا سريعًا. بعضهم لم يترك لحلمه حتى فرصة أن يكتمل، اكتفى برعشة البهجة الأولى منه، وقرر أن يكون هو الحلم والتفسير، وما إن قرر حتى نفّذ!.
ـ مرّت عليهم جميعًا لحظات صعبة، خيبات وانكسارات، وشعور باللا جدوى، وبالضعف والوهن وقلة الحيلة والمُساعِد!. “إذا عَظُمَ المطلوب قَلّ المُساعِد”!.
ـ يمكنك الإضافة: أخطأوا!، تاهوا قليلًا أو أكثر من القليل بقليل!، وزارتهم أفكار الانسحاب أو الرجوع أو التوقّف أو تغيير المسار، لكن أحدًا منهم لم يفعل!.
ـ ظلّوا سائرين، يُثقَلُون بالخذلان ويتخففون منه سريعًا، لا يكنزون ضحكات الفرح ولا لحظات السعادة متى أتت!.
ـ كأنهم وهم يتخففون من الخذلان درايةً منهم أنّ خذلانًا آخَر غيره، أثقل منه، سيأتي، وعليهم تهيئة الأكتاف والقلب لتحمّله!.
ـ كأنهم وهم لا يكنزون لحظة السعادة، يشربون كؤوسها ويصبونها على رؤوسهم صبًّا، وليقع منها ما يقع على الأرض بعد ذلك، لدرايتهم أن البهجة مثل الماء إن رَكَدَتْ أسِنَتْ!.
ـ ظلّوا سائرين. سرّهم العميق في ذلك أكبر من الصبر ومن عُلوّ الهمّة والإرادة!. سرّهم العميق الخلّاق أنهم لم يكونوا قادرين على فعل شيء آخر سوى التّقدّم نحو أحلامهم!. كأنهم يجهلون أن في الدنيا طرقات أخرى، أو يدرون بوجود هذه الدروب، لكنهم آمنوا بأنّ أقدامهم لم تُخلق لغير السير، مشيًا وركضًا وهرولةً، في الطُّرق التي حلموا بها!. لا يعرفون نهجًا غير ذلك!. بالمعنى الحرفي: لا يعرفون!.
ـ وجميعهم، كانوا يتمتعون بشِحّ التلفّت!. لا أظن أن أحدًا منهم لم يلتفت متحسّرًا أو معاتبًا، أو حزينًا على وداع، لكني على يقين بأنهم جميعًا، لم يُطيلوا الالتفات!. “إذا ترحّلتَ عن قومٍ وقد قَدِروا.. أنْ لا تُفارقهُمْ فالرّاحلون هُمُ”!.
ـ كلّ الذين وصلوا، كانت الحركة، الحركة إلى الأمام، بالنسبة لهم: حياةً، لا وسيلةً ولا وظيفة.
ـ تحلم بالوصول إلى ما وصل إليه فلان؟!، فُلان حَلُم بما هو أبعد مما وصل إليه أضعافًا مُضاعفة!. حتى لو حدث ما لم يحدث بعد ووصلتَ، هو أكرم حُلُمًا بكثير، كثير لو عرفته لخجلتَ من نفسك!.