|


أحمد الحامد⁩
الإعلام الجيد مُكْلِفْ
2019-03-09
الإعلام الجيد مكلف؛ لأن الجودة يقف خلفها ماهرون وأصحاب مواهب، هؤلاء إن لم يشعروا بالمقابل المادي الذي يناسب موهبتهم وعطاءهم سيتركون المجال ويعملون في مجال يوفر مردوده المادي العيش الكريم، أو على الأقل لن يتفرغوا تفرغاً كاملاً لمهنتهم الإعلامية.
وبذلك يفقدون الكثير من التركيز فيقل عطاؤهم وينخفض مستواهم ويتأثر منتجهم الإعلامي، في يوم من الأيام زار أحد مديري الإذاعات الولايات المتحدة الأمريكية وقام بجولة على الإذاعات الشهيرة هناك؛ فشاهد مستوىً مهنياً عالياً، بعد عودته اجتمع مع فريق أذاعته وقال لهم أريد أن يكون المستوى مرتفعاً مثل بعض الإذاعات الأمريكية التي سماها لهم وأنهى الاجتماع على ذلك، وطبعاً لم تنفذ رغبته لأنه أراد أن يغير المستوى دون أن يغير في التكلفة المادية التي يجب رفعها لضم فريق العمل الكافي والمناسب للوصول للمستوى الأفضل، البرامج الإذاعية أو التلفزيونية تشبه أي منتج آخر، هناك ما هو ذو جودة وحرفية متميزة، وهذا يتطلب إنتاجه مصاريف معينة وهناك ما هو تقليد سيئ الصنع غير مكلف لكن مردوده ضعيف، أذكر عند تأسيس إحدى الإذاعات كان الحديث عن المستوى المطلوب للإذاعة الوليدة، أخذ النقاش يتفرع ويتشتت إلى أن طرح أحد الحاضرين سؤالاً وجهه لأحد ملاّك الإذاعة واختصر بسؤاله النقاش: ما نوع السيارة التي تريدها.. مرسيدس.. أم كامري أم كورولا؟ بذلك وضح المستوى وعرف الاتجاه والتكلفة، تخطئ بعض الإذاعات الآن بعمل برامج إذاعية يومية تمتد إلى ثلاث وأربع ساعات، وتلقي على مقدم البرنامج كافة المهام من إعداد وتنفيذ وتقديم حتى توفر في الميزانية متناسية، أن ما تفعله هو على حساب المستوى! العمل الإعلامي الجيد هو تكامل مجموعة تفاصيل إن لم تتوفر فإن المنتج مهما كانت فكرته جيدة سيكون ضعيفاً، قبل سنوات وفي موجة القنوات الفضائية تجرأ العديد في إطلاق قنواتهم الفضائية الخاصة، الآن بعد مرور سنوات على هذه التجربة انسحبت معظم هذه القنوات من الفضاء بعد اكتشاف أصحابها أن الإنتاج الجيد مكلف والمردود الجماهيري والمادي عملية تحتاج إلى وقت وصبر.
في أحد الأيام ذهبنا إلى شركة بريطانية معروفة للاتفاق على تنفيذ عمل جرافيكس كنا نحتاج إليه، سألنا المسؤول ما ميزانيتكم ومتى تريدون أن نسلمكم العمل، عندما قلنا له المبلغ والمدة رفض تنفيذ العمل قائلاً: هل تمزحون!