|


بدر السعيد
ويتجدد السؤال مع كل معرض
2019-03-16
الرياضة صناعة.. والصناعة لا تقوم إلا على علم.. والعلم لا يبنى إلا بالدراسات المعتمدة على النظريات والقوانين والنظم.. وتلك أمور لا تتوفر إلا مع اتباع الأساليب العلمية ومناهجها.. ويرسخها إطار العلم الذي توثقه الأقلام والأوراق وتحتفظ به الكتب والمدونات.. وفي زحمة ذلك كله يتجدد السؤال الملحّ المحرج وهو: أين رياضتنا من ذلك كله..؟!
في كل مرة أسمع عن قرب انطلاق معرض للكتاب هنا أو هناك يتبادر ذات السؤال إلى ذهني: هل سيعلن خلاله عن إصدار هنا أو منتج هناك ذي علاقة بالرياضة وصناعتها.. وبالطبع تصلني ذات الإجابة القاسية “لا”..
نريد أن نسابق الدول المتقدمة رياضياً، بينما لا نريد أن نكرر ما فعلوه ليصلوا إلى ذلك الأفق.. نريد أن تنجح مخرجاتنا الرياضية بينما لا نمنح العلم فرصته في إدارة مدخلاتنا بشكل منهجي قائم على النظرية والتطبيق.. نريد كل ذلك وأكثر.. بينما لا نريد أن نبذل في اتجاه العلم.. نريدها هكذا.. “بالساهل”..!!
ومن تجربة شخصية امتدت لأكثر من عشرين سنة واجهت خلالها العديد من الصعوبات في الحصول على مرجع عربي استند إليه، أو ازداد من معارفه في مجالات الرياضة المتعددة.. وهو ما يجعلني أصل إلى قناعة مفادها أن مكتبتنا العربية تئن من فراغ شوه وجه الرياضة بين مصاف العلوم الأخرى، إلا أنه أقل من التشويه الذي تعانيه حين تقارن إنتاجنا العلمي في المجال الرياضي مقارنة بباقي اللغات في عطائها وإنتاجها العلمي في الرياضة وعلومها فنياً وفكرياً وإدارياً وغيرها..
وعلى الرغم من ازدحام مساحاتنا بمن يسمون أنفسهم كتباً ونقاداً ومحللين ومختصين وباحثين في المجال الرياضي، إلا أن أرفف مكتباتنا تخلو من إنتاجهم المرتبط بالبحث والعلم والتوثيق..
أصدقكم القول بأني لا أعيش حالة تفاؤل؛ فما يحيط بي من رفض لتطبيق العلم في مجال المنافسات الرياضية يجعلني أكثر إحباطاً.. يرفضون توثيق البطولات المرتبط بالإحصاء.. ويرفضون الكشف على المنشطات المرتبط بالفحوصات والقانون.. ويرفضون تقنية VAR.. فكيف لمثل هؤلاء أن يكونوا معاول بناء علمي تنتظره الرياضة.. فإما أن نستسلم للرجعيين المتأخرين، أو أن نمنح غيرهم الفرصة لصناعة رياضة قائمة على العلم والقانون والتطبيق..
دمتم أحبة.. تجمعكم الرياضة.. ويحتضنكم وطن..