|


فهد عافت
الطّائفيّة!
2019-04-16
ـ المنافسة طبيعة الحياة، بل من أجمل طبائع هذه الحياة ومن أكثرها رقيًّا وعلوّ شأن!.
ـ المنافسة صراع. وبما أنها كذلك فإنه يمكن لها أن تكون نزيهة وشريفة وعادلة، مثلما يمكن لها أن تكون خليعة وخسيسة ومستبدّة الجَوْر!. لا يمكن قفل الأقواس!.
ـ هناك من يريد للمنافسة أن تأخذ شكل الصراع، وللصراع أن يأخذ شكل القتال، وللقتال أن يأخذ شكل الرصاص والدم والموت. من أجل ذلك يقوم بتزوير الطبيعة!.
ـ والحقيقة التاريخية المؤسفة تقول: نعم، يمكن تزوير الطبع والطبيعي والطبيعة!.
ـ هل هناك ما هو أسوأ وأكثر رداءة؟! نعم، هناك: الطائفيّة!.
ـ ذلك أنّه ومهما تحدثنا عن بشاعة الصراعات الإنسانية، والتقاتل البشري حدّ الموت، فإنه يظل هناك سبب، مهما كان واهنًا ولا يكفي بالطبع وبالقطع، لكنه يظل سببًا مُقنعًا بحد ذاته، بل طيّبًا فيما لو أُخذ بعيدًا عن المجازر، ذلك السبب هو الرغبة في التقدّم أكثر، صراع من أجل المستقبل!.
ـ بالطبع، لا نقدر على فصل هذه الغاية الكريمة عن وسائلها المخزية غالبًا!. لكن بكثير من الجهد والخيال يمكن لنا التقاط ذلك السبب ولو لجزء من جزء من الثانية، واحترامه بحد ذاته، قبل أن نُرجعه لمرير واقعه حيث سُكناه!.
ـ الطائفيّة محرومة حتى من هذا الجزء من الجزء من الثانية التخيّليّة!. الغباء يُضاعف خزيها آلاف المرّات!. هي غير قادرة على الوقوف حتى في آخر صفّ الرذائل!.
ـ ذلك لأن الطّائفيّة تنادي بالصراع الدموي، بالإقصاء النهائي للآخر، بالقتل والتشريد والدمار الشامل، وإنها لتفعل كل ذلك بهدف أسخف منها: الصراع من أجل الماضي!.
ـ الطائفية!. هذا السخف الكارثي ضد الحياة، ضد حياة حتى صاحبها وليس حياة الآخر المختلف فقط!. تستمد قوّتها لا من سلامة حججها، ذلك فوق طاقة المستحيل حتى!، ولا من مناشدتها أي مستقبل على أي نحو، لكن من تراكم ماضيها: كل يوم طائفي سابق يُمكنه إشعال غابة من الأيام الآتية!.