|


أحمد الحامد⁩
قولاً واحدًا
2019-04-18
قبل مدة كنت في اجتماع عمل، كنا نناقش أفكاراً لمشروع إعلامي، لاحظت أن اثنين ممن كانوا في الاجتماع يرددون كلمتين هما: قولاً واحداً! ثم يقولان ما يريدان قوله بعد أن يقولا: قولاً واحداً، بعد عدة أيام التقيت بأحد الزملاء، وبينما كنا نتحدث ردد نفس الجملة عدة مرات: قولاً واحداً!، سألت نفسي إن كانت هاتان الكلمتان الملتصقتين ببعضهما "موضة" بدأت تنتشر أم هي صدفة، إن كانت صدفة لا بأس بذلك، وإن كانت موضة فأرجو ألا تنتشر.
ـ قولاً واحداً هي رأي لا يحتمل الآراء الثانية، أو العقول الثانية، بل هي تمنع صاحبها من التفكير الأوسع، تمنعه من أن يتراجع عن فكرة ليلتقط فكرة أفضل، من أن يتحسس موقعه الذي قد يكون في زاوية لا تظهر كامل المكان، معظم أفكارنا إما التقاطات من آخرين يتم تطويرها أو من تفكير عميق يحتمل التعديل، قولاً واحداً تسد مجرى العقل.
ـ عندما نقرأ في السيرّ التي تحدّث بها أصحابها عن أنفسهم، أولئك الذين حملوا فكرة ما وطافوا بها على أصحاب رؤوس الأموال وتم رفضها بقولاً واحداً ثم واصلوا مسيرتهم حتى استطاعوا تحقيقها وتحقيق النجاح الذي تجاوزت شهرته وخدمته كل الذين رفضوهم نجد أن الرفض كان قولاً واحداً، عين واحدة، زاوية واحدة، رأي واحد.
ـ نحن نعجب بقصص وسير الناجحين، نتداولها، نحاول أن نلهم بها أنفسنا والمحيطين بنا، لكننا في أرض الواقع نغفل عن الكثيرين ممن لديهم ما ليس لدينا، أفكارهم تجاوزت زاويتنا الواحدة، لكننا لا نهتم بهم حق الاهتمام، لأنهم لم يحققوا النجاح لكنهم في طريقهم إليه.
مازلت أذكر كيف أن مسؤولاً في الإذاعة رفض فكرة شاب صغير بل علق عليه وعلى فكرته بكل تهكم، فلّت هذا الشاب ونفذ فكرته في اليوتيوب ونجح نجاحاً مدوياً، بعد عدة أشهر كان المسؤول يحاول أن يجد هذا الشاب حتى يوافق على تقديم برنامج في الإذاعة! رفض الشاب وحلّق بعيداً.
ـ بماذا نفعنا القول الواحد ونحن ننظر إلى أخطائنا السابقة؟ يجب ألا ننسى تلك اللحظات التي كنا نعزز بها قرارنا الذي اتخذناه بتلك الكلمات التي تنم عن الثقة والخبرة ثم اكتشفنا ضعفه، يجب ألا ننسى مستوى صوتنا المرتفع ونحن ندافع عن خطأ كنا نرتكبه.