|


أحمد الحامد⁩
الشعور والأرقام
2019-06-15
كتب الراحل أحمد خالد توفيق عن الزمن والعمر، وكيف أن الزمن هو من يشعرك بتقدم العمر، حتى لو كان قلبك "خضر"، ذلك أن التقدم بالعمر وإن لم يظهر على تصرفاتك سيظهر على ملامحك، "فجأة وجدت أنني في الأربعين.. الخامسة والأربعين.. ثم سن الخمسين..
هذه أرقام لم أسمع عنها فقط ولم أتخيل أنها ممكنة، بدأت أشعر بالذعر عندما لاحظت الباعة يقولون لي يا حاج.. والمراهقون يقولون يا عمو.. ثم ازداد الأمر سوءًا عندما صار الأولاد المهذبون يقفون في المواصلات كي أجلس مكانهم"، قد تكون هذه الكتابة في وصف التقدم في السن كتابة جميلة تصلح للقراء العرب، لكنها ستكون مستهجنة عند شعوب أخرى، لأن الخمسيني والستيني مازال شاباً عندهم، في الدول العربية يعتبر الرجل السبعيني "شايب"، لا يعتبر كذلك في بريطانيا مثلاً، قبل أسابيع تشكلت بيني وبين رجل إنجليزي صداقة اسمه أندرو، تعرفت عليه في المقهى، كنا نتحدث عن أسفاره حول العالم، ثم قال مازلت في الرابعة والسبعين ولدي وقت طويل للعمل وزيارة البلدان التي لم أزرها، صدمني كلامه وقلت في نفسي لو كان هذا الرجل عربياً لكان أكثر ما يشتريه هو مرهم "الفيكس" لتدليك أقدامه، المدهش أنه بعد أن شرب فنجان قهوته وقرأ الصحيفة خرج وركب دراجته الهوائية عائداً إلى بيته، عندما زرت بريطانيا لأول مرة كنت أفاجأ من رفض بعض العجائز عندما أهم لمساعدة إحداهن في حمل كيس من الأكياس الثقيلة التي تحملها، وهي خارجة من البقالة أو وهي تصعد السلم، حتى قال لي أحد العرب بأن تصرفي وإن كان من باب المساعدة إلا أنهن يرفضن ذلك لأنهن قادرات على إدارة شؤون حياتهن دون مساعدة من أحد، تأكد هذا الرأي عندما اشتركت في نادٍ للعب كرة "البولز" وهي رياضة غالبًا، ما يلعبها إلا المتقاعدون من العمل، أعمار اللاعبين في السبعين والثمانين والتسعين، في بداية انضمامي للنادي كنت أحاول مساعدتهم في حمل كراتهم، لأنني كنت أراهم كباراً في السن، حتى نبهني كابتن الفريق قائلاً ما معناه أنهم ليسوا بحاجة لمساعدتك، لأنهم يستطيعون حمل كراتهم واللعب لثلاث ساعات، وأنهم هنا ليمارسوا الرياضة لا لطلب المساعدة.. يبدو أن النساء العرب هن من وضعن فكرة التقدم المبكر في السن في رؤوس الرجال العرب حتى لا يفكروا بالزواج من امرأة ثانية، إلا أنهن فشلن في ذلك، لأن "الشايب العربي" لا يقدر أن يصب كأس ماء لنفسه ويطلب المساعدة في ذلك، لكنه قادر على الزواج من امرأة ثانية إذا ماتت زوجته.