|


أحمد الحامد⁩
بين العجم والروم
2019-06-22
مثل عراقي قديم يقول: "بين العجم والروم بلوى ابتلينا"، أطلق العراقيون المثل إبان الصراع التركي الفارسي على بغداد، الصراع الذي أدمى بغداد ونهبها وخلف كل ما يخلفه المحتل من تخلف
وفتنة وبؤس.
اليوم بعد كل هذه السنوات الطويلة أستطيع القول إن البلوى الرئيسة لم تكن لا من الأتراك ولا من الفرس، فهما واضحان للعيان والتاريخ، قوى غاشمة تسعى للسيطرة والتوسع ونهبك وانتقاصك، تستخدم في سبيل ذلك كل ما تستطيع من أفكار ومذاهب وتبدل ثوبها كالثعبان كلما احتاجت إلى ذلك، نحن أيضاً لا نحتاج أن نخوض في غمار نقاش ذلك، أستطيع القول إن البلوى عربية، جاءت من أبنائهم الذين تعاونوا مع هذا المحتل وسوّقوا وطبلوا له لمصالهم الشخصية وساعدوه في دخول بغداد، هؤلاء هم من ابتلي بهم العرب، وهؤلاء ما زالوا لغاية يومنا هذا على شكل أفراد أو دول، أستطيع أن أتفهم أي خلاف بين الأشقاء على حدود جغرافية، أو على مصادر دخل مالية، وليستمر هذا الخلاف عاماً كاملاً أو عشرة أعوام أو مئة عام، أتفهمه على أن يكون خلاف العائلة ضمن العائلة، لكنني لا أتفهم ولا أغفر لمن يستعين بالعجم والروم على أشقائه، لا أمل في أن أتفهم من يفعل ذلك، ولا أمل في أن أثق به مرة أخرى حتى لو أقسم لي بكل أسماء رب العالمين، من يفعل ذلك لا أشقاء له لأنه لا يستحقهم ولا يستحق أن تكون له عائلة، العرب مثلهم مثل كل الأمم، بهم الشجاع والجبان، وبهم الأمين والخائن، وبهم الشهم والدنيء، وقدر كل شجاع أن يلتقي في طريقه أثناء المعركة بأسوأ أنواع البشر، والمؤلم أن يلتقي بمن كان يضن أنهم من سيسنده عندما يهجم العدو.. والمؤلم أن من يحاول تسديد الطعنة إليك من كان يفترض أن يكون شقيقك.
ـ بين العجم والروم بلوى ابتلينا.. لا لم نبتل بهم، بل بمن يحملون مسمى عروبتنا، العجم والروم أدبياتهم واضحة ومعلنة، الرومي يتهمك بالخيانة لأنك ثُرت على ظلمة واحتلاله وهزمته، والفارسي يرى أنك دائماً أقل شأناً منه وعينه دائماً على ما لديك، وخاض أجدادك القادسية وهزموه، وستهزمهم أنت اليوم أيضاً، وستهزم معهم كل من يعيشون عبوديتهم وتبعيتهم في دواخلهم، ستهزمهم.. التاريخ يقول ذلك.. والحق أيضاً.