|


طلال الحمود
هنا القاهرة
2019-06-22
انطلقت في مصر منافسات بطولة كأس الأمم الإفريقية بوجهها الجديد، بعد زيادة عدد المنتخبات المشاركة، وتغيير موعد البطولة إلى فصل الصيف لتقام المباريات في درجات حرارة تصل إلى 40 درجة مئوية، وبات من النادر مشاهدة مباراة قوية في الدور الأول بوجود 24 فريقاً، ما جعل الاهتمام الجماهيري يتراجع في انتظار بدء المواجهات القوية خلال الدور التالي.
التغييرات التي فرضها الاتحاد الإفريقي جاءت بحثاً عن إيرادات مالية أكبر، وإرضاءً للأندية الأوروبية التي سعت طويلاً من أجل تغيير موعد البطولة من الشتاء إلى الصيف للفوز بخدمات لاعبيها طوال الموسم ودون مفاجآت الإصابة التي تفرزها شراسة المنافسة في إفريقيا، ويدرك أبناء القارة السمراء أن استدعاء النجوم للمشاركة في البطولة بعد موسم طويل وشاق، لن يلبي تطلعات الجماهير بمتابعة مباريات قوية توازي تاريخ هذه الكأس العريقة.
تجربة التوسع في تنظيم البطولات القارية طالت القارات الأخرى، بل حتى بطولات “فيفا” بحثاً عن زيادة الأرباح ودون الالتفات إلى تراجع مستوى المنافسات وضعف المنتخبات المشاركة، ولا يعلم عشاق كرة القدم في العالم كيف ستكون بطولة كأس العالم 2026 بمشاركة 48 منتخباً، خاصة أن أغلب المنتخبات ستتأهل إلى النهائيات، ما يؤدي إلى قتل المنافسة في التصفيات التأهيلية وغياب المباريات القوية قارياً.
في السنوات الأخيرة استسلمت كرة القدم لجشع مسؤولي الاتحادات القارية والعالمية، وباتت تحت سيطرة الشركات التجارية التي تبحث عن تشغيل اللاعبين والملاعب بأقصى طاقة، دون النظر إلى التأثيرات الجانبية ومستقبل اللعبة عموماً، ما جعل الاتحادات القارية تتخذ قرارات أقرب إلى “الفنتازيا” على نحو قرار اتحاد أمريكا الجنوبية بزيادة عدد منتخبات بطولة أمريكا، ولو بلغ الأمر الاستعانة بمنتخبات آسيوية أو إفريقية.
ويبدو أن كوبا أمريكا بدأت تدفع ثمن تقديم الجانب التجاري على مستوى المنافسات، بعدما تعرضت البطولة المقامة حالياً في البرازيل إلى عزوف جماهيري غير مسبوق، بسبب كثرة المباريات الهامشية وضعف بعض المنتخبات المشاركة، خاصة أن المشجع البرازيلي لن يدفع المال ويهدر الوقت من أجل مشاهدة منتخب قطر مثلاً.
غالباً ستواجه بطولة إفريقيا الحالية انتكاسة بسبب كثرة المنتخبات الضعيفة، غير أن إقامتها في مصر ربما يخفف من تأثير مغامرة الاتحاد القاري، والأرجح أن الأفارقة سيعيدون النظر بعد هذه البطولة في التوقيت وعدد المنتخبات المشاركة، علماً أن كأس الأمم الإفريقية صنعت مجدها حين كانت تقام بمشاركة ثمانية منتخبات تمثل الوجه الحقيقي للعبة في القارة السمراء.