|


أحمد الحامد⁩
أفضل الأصدقاء
2019-06-27
يقول ابن الجوزي في كتاب المدهش: إذا صُب في الإناء زيت ثم صب فوق الزيت ماء، فإن الزيت يطفو فوق الماء، فيقول الماء للزيت كيف ترتفع عليّ وأنا أنبت شجرتك؟ فيقول الزيت للماء: أنت تجري في رضراض الأنهار على طلب السلامة، أما أنا فإني صبرت على الطحن والعصر وبالصبر يرتفع القدر.
أعلم بأن هناك أخوة وأصدقاء يضرب بهم المثل في الوفاء، ويستحقون أن تكتب عنهم القصص، قصص قرأنا بعضها وسمعنا عنها وقد تكون قد حدثت مع بعضنا، لكن كل إنسان لديه طاقة محددة في التحمل وفي المقدرة في الوقوف معك، أنت أيضاً مهما كان حجم محبتك لأخوتك وأصدقائك لديك حدود معينة تتوقف عندها طاقتك، الشيء الوحيد الذي إذا رافقته يوفي لك دون أن يشتكي من تعبه وتحمله لك هو الصبر، لا رفيق في هذا العالم يشبهه، ثابت في وقوفه ومساندته، لا يشكو ولا يعاتب، ولا يطلب جائزة منك، كل ما فيه عطاء، في رفقته تحفظ كرامتك وتبقي عزتك، ذكره الله في كتابه الحكيم 70 مرة، وأوصى عباده برفقته "واصبِروا إِن اللَّه مع الصابرين"، برفقة الصبر تتقرب من الله إيماناً برحمته وفرجه، وتصل إلى الإيمان الخالص بأن لا حول ولا قوة في الأرض والسماء إلا بالله، الله وحده القوي، قوة لا متناهية، في رفقة الصبر يبشرك الله بأنه معك وسيجزيك أجر صبرك "إنَّما يُوفى الصابرون أجرهُم بِغيرِ حسابٍ"، في رفقة الصبر يمدك الله بطمأنينة يعجز أن يوهبها لك كل البشر لو اجتمعوا، بالصبر يمدك الله بقوة أكبر من كل أسلحة العالم، سلاح الثقة بالله، تنال في هذه الرفقة أعظم الحب وأجمله، محبة من الله سبحانه تعالى "والله يحب الصابرين"، يخطئ الإنسان بحق نفسه عندما يوكل أموره إلى غير الله، يراهن رهاناً خاسراً لا محالة عندما يعتقد لحظة أن أمانيه بيد العبيد لا بيد المعبود، رهان اتخذه لحظة غروره الذي تشكل من حقيقة ضعفه، كل الأبواب في هذا العالم مفاتيحها بالصبر، نور الحياة العلم، والعلم بالصبر، وحسن الأخلاق في تحمل بلاء الناس بالصبر، والتجارة بالصبر على الأمانة، وقطف ثمار الزرع بالصبر، حتى العداوة تتحول إلى مودة بالصبر، في الحياة وراء كل حكاية نجاح يقف الصبر، وخلف كل عودة حق تجد الصبر، وخلف كل تبيان حقيقة صبر، وخلف كل حكيم صبر، الصبر إن كنت تبحث عن صديق هو أفضل الأصدقاء.