|


أحمد الحامد⁩
صنّاع القصص
2019-07-01
نحن نعجب بشخصيات كثيرة نحكي قصصها ومآثرها، نطرح أسماءها كأمثلة تحمل قيماً وفكراً، نقرأ عنهم ونستشهد بهم، لكننا على أرض الواقع لا نريد أن نواجه ما واجهوه في حياتهم من مصاعب عندما تتطلب الحياة والظروف المواجهة، هذا السبب جعلهم مختلفين، جعلهم مشاهير الحياة.
كانت قوتهم في الكفاح ومعايشته وكان ضعفنا يكمن في البحث عن أول منعطف هروب، لا نريد أن ندفع الثمن الحقيقي، نفضل الحصول على الأشياء السهلة حتى لو كانت بخسة الثمن والمستوى، نتحدث عن كرم حاتم الطائي لكننا لا نتحدث عن معاناته في تحمل تكلفة هذا الكرم، تلك المعاناة التي اختارها حاتم كأسلوب حياة، وسنعتبرها نحن جنوناً إذا ما دخلنا في التفاصيل، نريد أن نحصل على صفته بالمجان أو بأقل التكاليف وهذا لن يحصل، لذلك اختلف حاتم عنا، تعرّفت قبل عدة أشهر على رجل مع زوجته، التقيتهم صدفة في مقهى، عاشا في الدول الآسيوية الفقيرة 20 عاماً، كانا يقومان بتعليم فاقدي البصر الاعتماد على النفس، الاعتماد على أنفسهم في الحياة دون الحاجة إلى المبصرين، تعلم السير في الشوارع دون مساعد، إيجاد العمل المناسب والاعتماد على النفس في كل شيء، كل ذلك دون مقابل مالي، 20 عاماً دون أن يأخذا مالاً، كان مصدر دخلهما للعيش من تعليم لغتهم لمن يريد أن يتعلمها، كنت مستغرباً ومعجباً وسألتهم عن أسباب ثباتهم طوال هذه السنين، أجابا بأن ما قاما به هو ما يفترض أن يقوما به، قصة تُحكى، ها أنا أقولها لكم، لكنني لن أستطيع تنفيذ مثيلاتها فيما أعرف أو ما أستطيع تقديمه من معرفة دون مقابل كما فعلا طوال هذه السنوات، لذلك اختلفا، وأصبحت لهما قصة تروى، قبل أيام فقدت محفظتي، بداخلها مبلغاً مالياً وبطاقة بنك يمكن استخدامها دون الحاجة إلى رقم سري ورخصة سواقة عليها عنواني، بعد يوم اتصل علي مركز الشرطة يبلغني بوجود المحفظة، استلمت المحفظة كما هي دون أن أفقد منها شيئاً، قال لي الشرطي إن من وجد محفظتك وأعادها إلينا رجل يعيش في الشوارع دون مأوى "homeless"، وها أنا أذكر لكم قصته التي صنعها! الحياة مليئة بالأبطال الذين يدفعون ثمن بطولاتهم! قد تكون عزيزي القارئ واحداً منهم، تقبل محبتي وإعجابي.