|


فهد عافت
مكان ومكانة!
2019-07-16
ـ يمكن للجيّد أن يكون ناجحًا، كما يمكن للنّاجح أنْ يكون جيّدًا، لكن في الأصل والأساس هناك فرق بين الكلمتين، وهو فرق قد يحول بين اجتماعهما في كثير من الأشخاص والحالات والمواقف!.
ـ في عوالِم الفن تتضّح الفوارق. الجيّد بالمعنى الإبداعي هو من "يُوجِد" جمهورًا لفنّه، بينما الناجح هو من يذهب إلى جمهور موجود أصلًا، يطيعه أو يهادنه، أو يدغدغ مشاعره بمشاكسات شكليّة يدري أنّ هذا الجمهور يحبها ويريدها، أو يحبّ وجودها ليرفضها أو يتندّر عليها: هذه مثل تلك!.
ـ أعرف شاعرًا، فيه كل صفات الشاعر المرسومة في مخيلة الجماهير: خلطة من الجنون والعبث وشيء من الثقافة وكثير من الجسارة والتّفلّت، يكتب ويقيم أمسيات ويُجري حوارات، و... و...، باختصار لديه كل مقوّمات الشاعر باستثناء الشعر نفسه!.
ـ هذه هي نوعية الناجح دون جودة!. كشفها الفن: مثل هذا الشاعر أراد النجاح فقط، فأحضر مستلزماته فقط!. ذهب إلى الجمهور بعد أن عرف بذكاء لا شك فيه: الشكل الذي يرى فيه العقل الجمعي صورة الشاعر!.
ـ أعرف أيضًا، شخصية تُقدَّم منذ سنوات قليلة على أنها صاحبة فلسفة، ويُقدَّم صاحبها على أنه مفكّر وفيلسوف، يُحاضِر، وتُجرَى معه حوارات!. له شكل الصعلوك بالمعنى الإيجابي للصعلكة الأدبية!. ونبرة صوته إذاعية باحتراف!، حنجرة واثقة من طبقاتها مع بحّة حزن مُلتزِم!.
ـ أُفتّش في حديثه وأبحث بين كلماته عن معنى عميق واحد فلا أجد!. منعدِمٌ عنده حتى الاسترسال في موضوع واحد بما يمكنه حَمْل معنى!.
ـ هذا ناجح أيضًا!. ناجح دون جودة!. وقد اكتفى من الفلسفة بالشكل المخبوء في العقل الجمعي للمفكّر الحر والفيلسوف!.
ـ النجاح: مكان. الجودة: مكانة!.
المعلومة: صورة. المعرفة: تصوّر!.