|


فهد عافت
أحمد الحامد وعين الصقر!
2019-07-29
ـ في بطولة ويمبلدون الأخيرة، كانت المباراة بين نادال وكيريوس مشحونة بالتصريحات قبل اللعب وبالغضب أثناءه. كان كيريوس يسعى بكل قواه الفجّة لكسب لحظات منفلتة الأعصاب من الماتدور الإسباني. كاد ينجح. وفي أكثر من لحظة بدا أن المباراة خَلَت من الروح الرياضيّة. كان نادال يعرف أن الشغب أحد استثمارات الأسترالي. وكانت المباراة بالنسبة لرافا نادال تمثّل رغبة في رد الاعتبار من خسارة موجعة لم تذهب مرارتها بعد!.
ـ كانت واحدة من أقوى وأعنف مباريات ويمبلدون 2019، وفي النهاية حُسِمَتْ الأمور بفضل أفضليّات طفيفة لنادال تظهر في اللحظات الأكثر توترًا وحرجًا!. بالرغم من كل هذا، حدث هذا الموقف، الذي صوّرته الشاشات محتفظة به كمشهد عجائبي الأخلاق:
ـ بأقصى ما يمكنه من قوّة، ردّ نادال آخر تبادلات النقطة، ذهبت الكرة الصفراء إلى أبعد ما يمكنها الذهاب إليه. أعلن الحكم أن النقطة لصالح كيريوس وأنّ الكرة استقرت خارج الملعب، لم يعترض نادال ولم يطلب "عين الصقر"، لكن كيريوس، المشاكس الفجّ الخشن الجلف العنيد، أشار إلى نادال ناصحًا إياه بطلب "عين الصقر"، وبالفعل طلب نادال ذلك، وكانت المفاجأة: الكرة على الخط، والنقطة لنادال، بفضل الموقف الشهم والنبيل لكيريوس!.
ـ قبل بطولة ويمبلدون بأيام، جرت منافسات بطولة أقل قيمة في ألمانيا، وفيها حدث موقف مماثل، بل أكثر شهامة:
ـ كانت مباراة حماسية أيضًا، ومتكافئة تقريبًا، بين لاعبين، وكان أحد اللاعبين قد استنفد فُرَصه بطلب كاميرا "عين الصقر" ولم يعد من حقه رفع يده للحكم طالبًا إعادة المشهد!.
ـ وفي عز التبادلات، أعلن الحكم أن الكرة خرجت ولم تلامس الخط، لكن اللاعب الذي لم يعد قادرًا بحكم القانون على الاعتراض وطلب الكاميرا، كان واثقًا من خطأ الحكم، وأن كرته لم تتخط حدود الملعب، فما كان منه إلا أن أشار لمنافسه، وبالرغم أن النقطة حُسمت لهذا المنافس، فقد طلب من الحكم العودة لكاميرا "عين الصقر". تم اللجوء لعين الصقر وثبت أن الكرة في الملعب فعلًا، وتحوّلت النقطة للمنافس الذي صفّق لشهامة خصمه وكذلك فعل الجمهور!.
ـ الرياضة أخلاق بالرغم من كل الحدّة والغضب والشغب وشهوة المكسب في منافساتها. وما شاهدته وحكيتُ لكم عنه يقودني لاعتراف يخص مكان زاويتي في "الرياضية"، طالبًا من رئيس التحرير النظر بكاميرا الـ"ڤار" في كرة القدم، أو كاميرا "عين الصقر" في كرة المضرب!.
ـ ليس عندي أدنى شك، فيما لو أن الزميل بتّال القوس، قَبِل العَرض، وأعاد النظر، لوجد أنّ كتابات الزميل أحمد الحامد أكثر استحقاقًا من كتاباتي وبكثير في أن تكون على الصفحة الأخيرة. إنها أكثر رشاقة وحيوية وخفة ظل ورحابة صدر وشموليّة طرح وسعة أُفق من هذا الذي أقوم به. وشكرًا.