|


طلال الحمود
الأمير الراحل ومبادرة موناكو
2019-08-03
تصادف هذه الأيام الذكرى الـ 29 لدخول الجيش العراقي إلى الكويت ومسحها من خريطة العالم، في واحدة من أهم التحولات التي غيرت وجه العالم العربي وبعثرت أحلامه وطموحاته بالتقارب والوحدة، وبرغم عودة الأرض المحتلة إلى أهلها، ومرور سنوات طويلة على هذه الأحداث الرهيبة، إلا أن بعضهم من حماسته لتطييب النفوس يحاول تناسي الشخصيات والأدوار بحجة فتح صفحة جديدة.
وهذه بادرة حسنة من شأنها إغلاق ملف الماضي، لكنه في المقابل يتناسى أدواراً مؤثرة لقيادات خليجية في شتى المجالات وقفت ضد الظلم وساهمت في عودة الحق إلى أصحابه.
من الأدوار المؤثرة في تلك الأيام، ما قام به الأمير فيصل بن فهد بصفته رجل دولة مسؤول عن تنفيذ سياسات بلاده وخدمة توجهاتها من موقعه كرئيس لرعاية الشباب، حينها لم ينتظر الأمير الراحل أوامر عليا حتى يتخذ ردة فعل في هذه الأزمة، بعدما بادر منذ الأيام الأولى بمخاطبة الاتحادات والهيئات الدولية بضرورة احتفاظ الكويت بعضويتها مع تعليق مشاركات العراق في المناسبات القارية والعالمية.
وحين استضافت بكين دورة الألعاب الآسيوية بعد نحو شهر من الأزمة، نجح فيصل بن فهد في تجهيز البعثة الكويتية للمشاركة ورفع علم بلادها أمام مليار صيني، فضلاً عن حملة للتعريف بالكويت وما أصابها في أكبر تجمع آسيوي، وبات الأمير الراحل بمثابة الأب للرياضة الكويتية بعد مقتل الشيخ فهد الأحمد برصاص الجيش المحتل، وكان من أهم نتائج تلك التحركات إدانة الاحتلال، من خلال رفض مشاركة العراق في البطولات القارية حتى ينسحب من الكويت.
وبرغم موقف منظمة التحرير الفلسطينية من الاحتلال العراقي، وطرح الرئيس ياسر عرفات مبادرة مستفزة بتحويل الكويت إلى دولة شبه مستقلة تحت الحماية العراقية على نحو إمارة موناكو، إلا أن الأمير فيصل كان مهتماً بخدمة فلسطين وشبابها بعيداً عن مواقف عرفات، ما جعله يسخّر علاقاته في الاتحاد الدولي لكرة القدم واللجنة الأولمبية الدولية للاعتراف بفلسطين ومنحها العضوية، وهذا ما حدث في عام 1998 بجهود الأمير الراحل.
تصرف الأمير فيصل طويلاً كرجل دولة، ولم يختزل دوره يوماً برئاسة اتحاد أو لجنة، وكانت أفكاره تسير بالتوازي مع السياسة العليا لبلاده، ويتضح هذا في مشاريع مهمة كانت السعودية تحتاج إليها في السبعينيات والثمانينيات لتعزيز ثقلها الدولي ومنها الاتحاد العربي والاتحاد الإسلامي. فضلاً عن دوره في خدمة السياسة الخليجية والعربية من خلال القضايا المصيرية على نحو أزمة احتلال الكويت وقضية فلسطين.