|


فهد عافت
الفن.. سعادة بشرط!
2019-08-15
ـ يُتابع برتراند راسل "في كتابه المهم، المهم جدًّا: الطريق إلى السعادة"، محاولته حصر مسبّبات التعاسة والشقاء. يصل إلى ما يسميه الشعور بالخطيئة، كاشفًا كميّة القدرة المهولة في هذا الشعور على إنتاج التعاسة!.
ـ أترك أمثلة برتراند راسل في هذا المجال لمن سيقرأ الكتاب، لأنها محفوفة بمخاطر قد يجلب طرحها هنا ردود أفعال تشوّش الموضوع وتحرف الهدف منه!. أستبدل ذلك بما لا يخلو من خطورة، ولكنه يظلّ أهْوَن!. وأتحدث عن الموسيقى والغناء!.
ـ فيما لو تخيّلتُ برتراند راسل بيننا الآن، لأمكنني تخيّل مفاهيمه ووصاياه على النحو التالي: الاستماع إلى الأغاني لا يمكنه أن يجلب لك سعادة خالصة طالما لم تُقرر بعد فضّ الاشتباك بين عقلك الحر المنفتح وما أُملي عليك لسنوات طويلة من أن الموسيقى حرام ومن أنّ الغناء مشكوك في أمره!.
ـ لا ينفع في شيء تجاهلك لمثل هذه المتضارِبات بين منطقك وعاطفتك!. إن أردت للموسيقى أن تكون رافدًا من روافد السعادة، عليك أولًا أن تصل إلى قناعة بأنها ليست ذنبًا ولا خطيئة، وإلا فإن تأنيب الضمير سينجح في تخريب كل شيء!.
ـ الأمر إذن يستلزم مراجعة شجاعة وقرارًا لا يقل شجاعة، باستخدام المنطق العقلي الحرّ في تمييز كل ما سبق له أن حُشِر في رأسك عن الفن منذ الطفولة!. قد تصل إلى أن الدين بريء من تحريم فن الموسيقى، عندها فقط يمكن للموسيقى أن تجلب لك السعادة!.
ـ يكتب: لا ترضى لنفسك أن تصبح إنسانًا مذبذبًا، يتقسمك العقل من ناحية، ودوافع الطفولة من ناحية أُخرى، ولا يَرُعْكَ أن تمتهن ذكرى أولئك الذين تحكّموا في طفولتك!.
ـ والمقصد أنّ أمورًا كثيرةً، من شأنها أن تجلب السعادة، لكنها لا تفعل لأنّ من يتجه إليها أو يقوم بها لديه شعور داخلي بأنه يرتكب إثمًا أو خطيئة، ولأنه شعور داخلي فإنه يحسب ذلك فطرةً أو وحيًا، وهذا ليس صحيحًا بالضرورة!.
ـ برتراند راسل، يقلب الطاولة فيما يخص الشعور واللاشعور، متهكّمًا على استسهال علم النفس وعلوم أخرى متداخلة مع علم النفس، في تناولها لتأثير اللاشعور "الداخلي" على الشعور "الخارجي"،..
ـ ..، داعيًا إلى ضرورة معرفة ومن ثمّ تأكيد أهميّة وفاعلية وقدرة الشعور الخارجي حيث المنطق، على التأثير في تغيير هذا البعبع المسمّى باللاشعور، المعروض دائمًا وكأنه حتمي لا يتغيّر أو مُقدّس لا يُمَسّ!.
ـ إن من يكتب الشعر وفي نيّته اعتزاله والتّبرّؤ منه في وقت لاحق، لا يمكنه أن يكتب شعرًا حقيقيًّا، شعرًا يُسعده فعلًا، حتى لو أجّل هذا القرار لآخر لحظة في عمره!.
ـ بقي من أمور "الطريق إلى السعادة" لبرتراند راسل الكثير، رغم أننا أمضينا هذا الأسبوع كله في هذا الكتاب!. آخر المحاولات ستكون غدًا بإذن الله، حيث مقتطفات من "الطريق إلى السعادة"!