|


أحمد الحامد⁩
أنا والأخبار
2019-08-26
العالم لم يتغير فعلياً منذ أن بدأت أستمع لنشرات الأخبار، وواقعنا العربي هو نفسه الجانب الأضعف من هذا العالم منذ أن بدأت أستمع للإذاعة وأنا في العاشرة من عمري تقريباً.
القطب الأمريكي ثابت بينما اختفى الروسي عدة سنوات ثم عاد ليظهر هنا وهناك، الصين قادمة لا محالة كقطب منافس على المركز الأول، لا أعلم إن كان ترامب يدرك بأنه لن يستطيع إيقاف التنين.. أعتقد بأنه يعمل على تأخير قدومه لا أكثر، لن يتقدم العرب طالما لم يسمع العالم هدير محركات المصانع على أراضيهم، وطالما لم يتوجه طلاب العالم للدراسة في جامعاتهم، أهتم بقراءة الأخبار الغريبة والمسلية، أو تلك التي تحكي قصص من لهم تجارب شخصية عظيمة وممتعة، أقرأ الآن عن عالم الرياضيات الروسي grigori perelman الذي فاجأ العالم في العام 2006 عندما فك رموز معضلة رياضية تسمى “حدسية بوانكاريت” بقيت عصية على العلماء 100 عام، وبقي العلماء عدة سنوات لفهم ما فعله جورجي، وعندما سأل عن السبب الذي دفعه لحل هذه المعضلة الرياضية قال بأنه فقط أراد فعل ذلك، في نفس العام “2006” تم الإعلان عن فوز جرورجي بجائزة فيلدز وهي تعادل مستوى الفوز بجائزة نوبل، حضر الحفل الملك الإسباني بينما لم يحضر جورجي الحفل، ذهب رئيس الاتحاد الدولي للرياضيات إلى منزل جورجي وحاول طوال يوم كامل إقناعه باستلام الجائزة التي تبلغ قيمتها المالية مليون دولار ولكنه فشل في إقناعه “حرام عليك ياجورجي”، سأل جورجي لاحقاً عن أسباب رفض الجائزة ورد رئيس الاتحاد الدولي للرياضيات مكسور الخاطر، أجاب: لقد عرض علي ثلاثة خيارات، قبول الجائزة والحضور لاستلامها، أو أن أقبل الجائزة ولا أحضر لاستلامها وهم سيرسلونها في وقت لاحق، أو لا أقبل الجائزه، أخبرته منذ البداية أنني اخترت الخيار الثالث، الجائزة لا تعني لي أي شيء على الإطلاق “مليووون دولار!”، لست مهتماً بالمال ولا بالشهرة، أنا لا أريد أن أعرض كحيوان في حديقة الحيوانات “صوت داخلي : يامجنووون!” أنا لست بطل الرياضيات، أنا لست ناجحاً إلى هذه الدرجة ولا أريد أن أكون في موضع ينظر فيه الجميع إلي!
الحياة يا أحبتي تناقضاتها عجيبة إلى درجة الضحك والبكاء معاً، في الوقت الذي يدفع الناس الأموال حتى ينالوا بعضاً من الشهرة، يزهد بها جورجي وبالمال المقدم معها، أجمل ما في جورجي أنه فعل ما يعتقده دون أن يغير رأيه التيار العام والمألوف، يبدو أنه حل مسائله الشخصية مع نفسه قبل أن يبدأ في حل المسائل الرياضية للعالم، مثل هذه القصص والأخبار هي من تصنع متعتي وتثير اهتمامي، لا علاقة ولا تأثير لي إذا اهتممت بما فعله ترامب عندما رفع الضرائب على المنتجات الصينية فقامت الصين بتخفيض قيمة عملتها!.