|


فهد عافت
عضلات نفسيّة!
2019-09-23
يحدث أن يتوقف قارئ نهم عن القراءة لفترة، شهر أو شهرين أو ثلاثة، فيجد صعوبة ما في العودة إلى الكُتُب.
ـ يفتح كتابًا، وسرعان ما يجد أن الأمور ليست طبيعيّة كما كان يظنّ، وأنّ فيها ما لا يُرام!.
ـ يَعجب من نفسه وكيف أنّ عشر صفحات أولى أرهقته، وأنّه مرّ على بعض سطورها بقدْرٍ من صفاء الذهن قليل، لا يتناسب مع شغفه وطبيعته!.
ـ شيء ما يشبه ما يسمّيه أهل الكتابة بـ"حبسة" الكاتب، يحدث لأهل القراءة ويمكنهم تسميته بـ"حبسة" القارئ. ويظل من حسن حظ القارئ أنّ أسباب حبْسته مفهومة أكثر، في حين أنه لا توجد أسباب محدّدة وواضحة ومفهومة بشكل جيّد لحبسة الكاتب!.
ـ علامة حبْسة القارئ: تشتت الذهن والتّململ وعدم القدرة على تتمّة القراءة بالشكل المعتاد وبالصفاء الذهني وشغف الشكوك ذاتها!. أمّا أسبابها فهي وإن تعدّدت، يظل أهمها وأكثرها وضوحًا وانتشارًا: التوقف عن القراءة لفترة ما!.
ـ أهل الخبرة في الأمرين، في الكتابة وفي القراءة، يعرفون بخبرتهم إمكانيّة تجاوز الأزمة بالمحاولة والمواصلة. يحتاج الكاتب سلاحًا آخر: انتظار ما يشبه الصدفة!. أمّا القارئ ففي الغالب لا يحتاج لأكثر من اختيار كتاب مناسب، أو للوقوع عليه صدفة أيضًا!.
ـ السؤال هنا: ما هو الكتاب المناسب؟!. ظنّي أنه الكتاب الممتع، الكتاب الأكثر تسلية في تقليب صفحاته ومتابعة كلماته. وأقصد التسلية بمعناها الذي وصل إليك تمامًا!. ذلك أنني من أصحاب الرأي القائل بأنّ القراءة كلها متعة!. أمّا التسلية فهي أقل شأنًا!.
ـ والمسألة كلها في اللياقة، وفي ضرورة استعادتها تدريجيًّا، وأظن أن التسلية وما يحقق المرح أحد الحلول المهمّة. لا يمكنك العودة لمنافساتك الرياضية دون تمارين تستعيد بها لياقتك، وعلى هذه التمارين أن تتسّم بالتّدرّج، وإلّا فإن جسدك سيخذلك!. الأمر ذاته بالنسبة للقراءة، مسألة عضلات نفسية!.