|


صالح الخليف
هذا أستاذي ومعلمي
2019-09-27
الكلمة الأكثر انتشارًا وتداولاً في الأوساط الصحفية هي "أستاذ".. العاملون في الصحافة ينادون بعضهم بعضا "يا أستاذ" منطلقين من أجواء الاحترام والتقدير السائدة في مهنة الفكر والوعي والكتابة أو هكذا يجب أن تكون.. لولا أن أكبر المآخذ التي أراها في التعاطي مع هذه الكلمة هو ما يمكن وصفه بالمبالغة أو حتى الإسراف في رحاها ورحابها..
تستباح كلمة "الأستاذ" بلا معنى ثم تتطور الحالة ويذهب صغار الصحفيين والمبتدئين إلى وصف كل صحفي كبير أو عتيق بأستاذي ومعلمي.. أتفهم تمامًا الحالة الحميمية التي يعيشها الهائمون في قطار المهنة المرهقة وكيف ينظرون إلى من سبقهم بسنوات كثيرة كونهم عاشوا مراحل أكثر صعوبة وتعقيدًا ولهذا يثمنون لهم ذلك التفاني ومعايشة التحدي والرهان المزعج.. أتفهم أيضًا الجانب الأخلاقي والأدب الاجتماعي والرقي الإنساني خلال التعامل مع الآخرين.. هذا شيء مهما كان لا يسمح لنا بوصم أشخاص بأساتذتنا ومعلمينا لمجرد أنهم سبقونا في مهنتنا.. إنها مجاملة تنتشر في محيط العاملين داخل أوساط الصحافة بشيء من التفريط الممجوج.. لا يمكنني أن أقول لأحد أنت أستاذي لمجرد أنه أقدم مني.. ربما يكون أستاذي أصغر مني سنًا وتجربة لكنني تعلمت منه شيئًا مفيدًا ودافعًا نحو التقدم والأمام.. يمكن أن أصف أحداً بأستاذي حتى لو لم ألتقه لأنني قرأت له المقالات أو الكتب ومنها تطور أسلوبي ولغتي وتعلمت كيف أكتب.. يمكن وصف أحدهم بمعلمي لأنه كان يقود صحيفتي المفضلة التي أطالعها وأستمتع بقراءة حواراتها وتقاريرها وأخبارها.. يمكن القول لأحدهم يا أستاذي لأنه علمني الطريقة الأمثل لبداية الخبر وكتابة العنوان وتحويل الفكرة إلى مادة إنشائية تستحق الاحترام.. أما أن أوزع الأستاذية والمعلماتية لكل أولئك الذين بلغوا في الصنعة عتيًا فهنا نحول صحافتنا ومهنتنا إلى محلات عريضة وواسعة من أعمال التجارة والتبريد والكهرباء والسباكة..!!
لدي قائمة طويلة أدين لها بالفضل في العمل الصحفي وأشكرهم ولو كان المجال فسيحًا لربما ذكرتهم وبالتفصيل الممل لكنني أبدًا لن أفعل وأذهب لأوزع كلمة "أستاذي" لمجرد أنه رجل قدمته السنوات والأزمنة بينما لم يضف لي ويمكن لغيري فائدة واحدة..
اعذرني يا أستاذي لأنهم استباحوا الكلمة وصرت حينما ألتقيك وأقولها بملء فمي في حضرتك ربما لا يكون لها الوقع الذي تمنيته وقصدته وعنيته.. سامحهم يا أستاذي.. اعذرني يا أستاذي..!!